فلسطين أون لاين

لا فرق بين رامون وبن غوريون

قيل كثير عن تشغيل مطار رامون الإسرائيلي لخدمة تنقل الفلسطينيين متجاوزين معبر الكرامة عبر الأردن الشقيق، ولكن كثير مما قيل يجانب الصواب، أو يصيبك بحالة من الانفصام الوطني أو الكثير من الدهشة، ولذلك لا بد من التطرق إلى هذا الموضوع والنظر إليه من زوايا مختلفة.

قبل كل شيء نقول إنه لا فرق بين مطار رامون ومطار بن غوريون، تمامًا كما لا يوجد فرق بين مستوطنات الضفة الغربية والمدن "اليهودية" داخل مناطق الخط الأخضر، فكلها إنشاءات غير شرعية على الأرض الفلسطينية المحتلة، ولذلك لو كتب للسلطة 1000 سنة من الحياة والحكم لما استطاعت إقناع شعبنا بوجود فرق، لا يمكن أن نصدق أن السفر عبر مطار رامون فعل غير وطني، وسفر المسؤولين والمواطنين الفلسطينيين عبر مطار بن غوريون أمر طبيعي، ولا يمكن أن نصدق أن مقاطعة العمل في المستوطنات ومقاطعة بضائعها عمل وطني مع تشجيع العمل داخل الخط الأخضر واستهلاك بضائعهم، وكذلك لا يمكننا أن نستوعب فكرة تشكيل لجنة للتواصل مع (شعب إسرائيل) داخل الخط الأخضر، وتشكيل لجنة لمناهضة الاستيطان والمستوطنين في الضفة الغربية، فهذا تفريق غبي لا يتوافق إلا مع اتفاقية أوسلو البائسة.

إن دوافع تشغيل مطار رامون سياسية بحتة، ومن يعتقد أنها اقتصادية فهو مخطئ، وإن كانت لها أبعاد اقتصادية، دولة الاحتلال (إسرائيل) لا تنظر إلى الملايين التي قد تجنيها من ذلك المشروع، ولكنها تؤسس لنظام الكانتونات الفلسطيني وحكم الهيئات المحلية في الضفة الغربية، بعدما طوت صفحة اتفاقية أوسلو ونبذت حل الدولتين وراء ظهرها، وباعت قادة منظمة التحرير بثمن بخس.

 شعبنا الفلسطيني ضد اتفاقية أوسلو، ولكنه أيضًا ضد تثبيت الكيان الإسرائيلي في الضفة الغربية، ومع إقامة دولة مؤقتة على حدود الرابع من حزيران، ولكن ليس بشروط اتفاقية أوسلو والتنازل عن ثلاثة أرباع الوطن، وإنما حسب شروط المقاومة، وهي إقامة دولة فلسطينية دون اعتراف متبادل أو اعتراف فلسطيني بشرعية الاحتلال، والفرق بين اتفاقية أوسلو ومشروع المقاومة هو أن الأولى تفرق بين رامون وبن غورويون أو بين (تل أبيب) ومستوطنة (معاليه أدوميم)، أما مشروع المقاومة فهو يريد أن يخرج المستوطنون من الضفة، ولكن دون أن يعطيهم الشرعية في المناطق المحتلة عام 1948.

أما الحديث عن السيادة الفلسطينية فهو يطول، ولكن باختصار أقول إن المواطن الفلسطيني حتى رئيس الحكومة الفلسطينية عندما يغادر أراضي الضفة الغربية يسلم جواز سفره إلى جندي إسرائيلي ليتفقده ويسمح له بالمغادرة، ولا دور للسلطة الفلسطينية في معبر جسر الكرامة، فعن أي سيادة نتحدث حاليًّا؟! مع أنني لست مع استخدام مطار رامون، كما أنني لست مع استخدام مطار بن غوريون، ولكن الواقع الفلسطيني لا يدفعني إلى التشدد والقدح بوطنية الآخرين، وإذا أرادت السلطة الفلسطينية التعامل مع المغادرين عبر رامون مثل المغادرين عبر جسر الكرامة يمكنها أن تقيم استراحة الخليل على نمط استراحة أريحا، لمتابعة المغادرين والقادمين إلى أراضي الضفة الغربية، ولن يكون هناك أي فرق.

وأختم مقالي بالتعقيب على غضب أشقائنا العرب من استخدام الفلسطينيين مطار رامون، والقول إنه سيهدم قطاعات اقتصادية لديهم، ومطالبتهم بإنزال أشد العقوبات بمن يتجاوزهم من طريق مطار رامون، أقول لهم: ما الذي ستفعلونه إذا أقيمت دولة فلسطينية ذات سيادة ولها مطارها وميناؤها، أم أن الجميع يعلم أن اتفاقية أوسلو مجرد سراب، ولا تصلح لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة؟! مع تأكيدي ضرورة رفض المواطنين التعاطي مع أي مشروع إسرائيلي، كمطار رامون مثلًا، من أجل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود مؤقتة رغم أنف الاحتلال الإسرائيلي، دون الاعتراف بشرعيته على أي شبر من فلسطين الواقعة بين البحر والنهر.