فلسطين أون لاين

دوافع وكوابح التطبيع الإسرائيلي التركي

مع انطلاق عملية تطبيع بين تركيا والاحتلال لا تزال تحديات علاقاتهما كثيرة، رغم قناعة إسرائيلية مفادها أن تطبيعهما نابع من عدة دوافع، مع وجود جملة عقبات قد تحول دون إتمام التطبيع حتى يصل إلى حدّه الأقصى.

أول دوافع التطبيع التركي الإسرائيلي رغبة تركيا بتخفيف التوتر مع واشنطن، إذ الفهم السائد عند العديد من دول المنطقة بأن الطريق إليها يمر عبر (تل أبيب)، بغض النظر عن مدى وجاهة هذه النظرة، لكن التشنج في العلاقات التركية الأمريكية قائم رغم إدراك أمريكا الدور التركي الإيجابي في سياق حرب أوكرانيا، إذ إنها ساخطة على شرائها أنظمة الدفاع الجوي إس400 من روسيا، ومساعدتها في التحايل على العقوبات الاقتصادية.

دافع ثانٍ يتعلق بتجارتهما البينية التي وصلت إلى ذروة تاريخية في 2021 بزيادة تجاوزت مليار دولار مقارنة بـ2019 و2020، بلغت قيمتها سبعة مليارات دولار، منها 4.7 مليار دولار صادرات تركية لدولة الاحتلال، و1.9 مليار دولار ورادتها، إذ تعد تركيا من أهم خمسة شركاء تجاريين لدولة الاحتلال، وتعد الأخيرة من أكبر عشر وجهات تصدير لتركيا.

دافع ثالث يتعلق بتصدير دولة الاحتلال الغاز الفلسطيني المسروق إلى تركيا أو عبرها، رغم حالة عدم التكافؤ بينهما في درجة الاهتمام بتعزيز التعاون في هذه القضية، لأنه من الناحية الجيوسياسية قد يؤدي مشروع بناء خط أنابيب غاز إلى تركيا لتوترات بين الاحتلال وشركائه الإقليميين اليونان وقبرص، حتى مصر.

في المقابل تظهر جملة كوابح قد تعيق مسيرة التطبيع الإسرائيلي التركي، أولها أنهما يعرفان أكثر من سواهما أنها مسيرة هشّة وقابلة للانفراط أمام أي عاصفة، خاصة أن لديهما سوابق في عامي 2016 و2018 من تطبيع لم يدم طويلًا.

ثاني هذه الكوابح إمكانية تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة بعد انتخابات نوفمبر، قد تعدها أنقرة إشكالية، كأن يعود نتنياهو من جديد الذي شعر أن أردوغان أهانه في مصالحة لم تعمر طويلًا، حين أجبره أوباما على الاعتذار له عن مجزرة سفينة مرمرة.

كابح ثالث لا يقل أهمية يتعلق ببدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية التركية، فما زال الجو التركي العام معاديًا للاحتلال، ولا تحظى الخطوات التطبيعية الأخيرة بكثير من التأييد الشعبي، ما يجعل أنقرة تخفف خطى التطبيع مع اقتراب توجه الأتراك لصناديق الاقتراع.

يصعب تجاوز الكابح الرابع المتمثل في أي تدهور مستقبلي بالساحة الفلسطينية في حال حدوث أي عدوان إسرائيلي، ما قد يشوش علاقاتهما، فضلًا عن كابح خامس يتعلق بالضغوط الإسرائيلية على أنقرة لتخفيف نفوذها في القدس المحتلة، أما الكابح الخامس فمرتبط بالعلاقات الإسرائيلية الوثيقة مع منافسي تركيا الألدّاء في حوض البحر المتوسط، وهما اليونان وقبرص.