لم تكتفِ حركتا حماس والجهاد الإسلامي باللقاء القيادي الذي عقد في غزة، ووضع النقاط على الحروف، حين أكد وحدة المصير بين الحركتين، والاصطفاف في خندق واحد لتنظيمين يلتقيان فكرياً وسياسياً على مقاومة الاحتلال، بل عمد قادة التنظيمات إلى ترتيب لقاء في بيروت ضم أعلى المستويات القيادية للتنظيمين.
اللقاء في بيروت عاصمة المقاومة العربية له دلالات بعيدة المدى، تتجاوز إطار التلاقي بين تنظيمين مقاومين، ليرتقي إلى مستوى الحديث عن مستقبل الصراع مع العدو الإسرائيلي، وعن دور المقاومة الفلسطينية في المرحلة القادمة، مرحلة تهب فيها رياح المواجهة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، ومدى جاهزية رجال المقاومة على كل الجبهات، وهذا ما ورد في البيان الختامي الصادر عن الاجتماع القيادي لحركتي حماس والجهاد، حين قدم البيان الشكر والتقدير إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، وإلى حزب الله، وإلى كل القوى الداعمة لخيار المقاومة.
للمكان الذي عُقد فيه اللقاء دلالات تاريخية وحضارية عميقة، فاللقاء عقد في بيروت، وما لبيروت في حضور مقاوم في النفس الفلسطينية، واللقاء تم في مكتب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، بحضور قادة من الصف الأول للحركتين، وقد حرص البيان الختامي على توجيه التحية لشعبنا العظيم داخل فلسطين وخارجها، وهذه لغة تعود بنا إلى ما قبل اتفاقية أوسلو، التي أدارت الظهر لفلسطينيي الخارج، وقد جاء الترحم على الشهداء عامة، ولكن تأكيد ذكر القادة الكبار تيسير الجعبري وخالد منصور، له علاقة بمعركة وحدة الساحات، وما أشيع عن خلافات وانقسامات.
لقد أكد البيان الختامي أن العلاقة بين الحركتين هي علاقة راسخة وإستراتيجية، وفي تعاظم وتطور، خدمةً لمشروع المقاومة في فلسطين، وأن أي خلاف في موقف تكتيكي هنا أو هناك، لا يمكن أن يمس بجوهر هذه العلاقة وتطورها وتقدمها.
تلك الفقرة من البيان تحدثت عن الخلافات التكتيكية بين الحركتين، وعن تجاوز تلك الخلافات التي حاول العدو توظيفها إعلامياً للطعن بالمقاومة، من هنا جاء دعم البيان الختامي للقاءات التي تمت بين الحركتين داخل فلسطين، ومن ثم دعوة أبناء الحركتين وأبناء شعبنا إلى وحدة الصف في إطار الغرفة المشتركة، بل ودعم كل ما يعزز الوحدة، على قاعدة الاتفاق والتفاهم على تكتيكات المقاومة في إطار التكامل والعمل المشترك.
تكتيكات المقاومة التي وردت للمرة الثانية تحمل معاني جديدة، لها علاقة بطريقة إدارة المعركة، والأهداف السياسية المرجوة من إطلاق الصواريخ على العدو الغاصب.
البيان المشترك الصادر عن حركتي حماس والجهاد لم يتطرق إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وفي هذا البيان، تقدم التنظيمان خطوة إلى الأمام، حين دعيا إلى تشكيل مجلس وطني جديد على أسس وطنية صحيحة، وستبذل الحركتان وسعهما نحو الانخراط في جبهة وطنية واحدة تضم كل المخلصين والحريصين على وحدة شعبنا وإنهاء الانقسام والتوحد في إطار البيت الفلسطيني الجامع.
وفي تقديري هذه خطوة إيجابية، تحاكي الوعي العام الفلسطيني لأهمية الوحدة الوطنية الفلسطينية على أسس سليمة، تبدأ من انتخاب قيادة منظمة التحرير، ولا تنتهي بالتوافق على أصغر وظيفة في أبعد قرية فلسطينية.