فلسطين أون لاين

لماذا نجحت (إسرائيل) في تشغيل مطار رامون؟

نفى الناطق الإعلامي باسم وزارة النقل والمواصلات في السلطة الفلسطينية ما أشيع عن فرض عقوبات على المسافرين الفلسطينيين في مطار "رامون"، فالسلطة الفلسطينية لا تمتلك حق الموافقة أو الرفض للقرارات الإسرائيلية، ولو كانت (إسرائيل) تعرف أن السلطة الفلسطينية ستمنع المسافرين من التوجه إلى مطار رامون، لما أقدمت على خطوتها.

السلطة الفلسطينية لا تمتلك مطارًا، ولم ترتقِ خلال ثلاثين عامًا من المفاوضات إلى مستوى فتح مطار قلنديا، حتى إذا ضاقت معابر نهر الأردن على المسافرين الفلسطينيين هذا الصيف، استثمرت (إسرائيل) هذه الحالة، وأرادت أن توحي بتقديم تسهيلات سفر للفلسطينيين، فأقدمت على افتتاح مطار رامون، بعد التنسيق والتوافق مع عدة دول، من ضمنها تركيا، التي ستستقبل القادمين إليها بجواز السفر فلسطيني، دون تأشيرة دخول -كما تقول الرواية الإسرائيلية- وذلك بدءًا من مطلع العام القادم.

مطار رامون جزء من عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفي تسيير الرحلات مصلحة اقتصادية للطرفين، هذه المصلحة التي قد تضر بالسلطة الفلسطينية من جهة، وستضر بالمعابر الأردنية، ومطار الملكة علياء بكل تأكيد، وهذا الذي استفز شركات الطيران الأردنية، ومكاتب السياحة، وأحد أعضاء مجلس النواب، الذي سيطالب الحكومة الأردنية بمنع أي فلسطيني يستخدم مطار رامون من دخول الأردن!

قد يكون النائب الأردني على حق، هو وغيره من المعترضين على استخدام مطار رامون، ولكن ما ذنب المواطن الفلسطيني الذي تمنعه المخابرات الإسرائيلية من السفر عبر مطار اللد "بن غوريون"، في الوقت الذي تسمح فيه للشخصيات القيادية التي تحمل بطاقة VIP بالسفر والتنقل السهل عبر المطار المذكور؟ وهل سيطالب النائب الأردني بمعاقبة أولئك القادة بعدم دخول الأردن، لأنهم يسافرون عبر مطار اللد "بن غوريون"؟ وما ذنب المواطن الفلسطيني الذي سيوافق على السفر الآمن والرخيص عبر مطار رامون؟ وهو الذي غُلّقت في وجه أبواب السفر الكريم الهانئ والمريح، إن كان عبر نهر الأردن، أو من خلال معبر رفح على الحدود المصرية، فلماذا تلومون الضحية، ولا تعاتبون الجلاد؟

من حق المواطن الفلسطيني أن يجد مطارًا فلسطينيًا يسافر من خلاله بعيدًا عن عذاب المعابر، ولكن القيادة الفلسطينية لم تحقق له هذا الحلم، والقيادة الأردنية لم توفر سبل الانتقال السهل وغير المكلف عبر مطاراتها، مع الانتباه إلى أن الحديث هنا لا يدور عن قضية وطنية، وعن معركة تخوضها السلطة الفلسطينية بهدف افتتاح مطار قلنديا، ولا يدور الحديث هنا عن تطبيع علاقات مع المحتل، ولا عن تنسيق وتعاون أمني، ولا يدور الحديث عن تبادل سفراء، وعن إقامة مشاريع اقتصادية بمليارات الدولارات، ليتخذ المواطن الفلسطيني موقفًا، الحديث يدور عن سفرٍ مريحٍ عجزت السلطة الفلسطينية عن تأمينه للمواطن، وعجزت الأنظمة العربية عن توفيره للمواطن، فصار له الخيار في السفر عبر مطار رامون، أو اعبر مطار الملكة علياء.

السفر عبر مطار رامون لا يكلف الفلسطيني في الضفة الغربية إلا التقدم بطلب تصريح سفر، وسيحصل عليه في غضون 48 ساعة، وهذا تسهيلات إسرائيلية متعمدة، لاستقطاب المسافرين، وستكون قيمة السفر إلى المطار ٧٥ شيكلًا للراكب الواحد، وهذا إغراء للمسافرين، مقارنة بالسفر عبر مطار الملكة علياء، وهنا يمكن للخطوط الملكية الأردنية أن تنافس في تخفيض السعر، وأن تجري تسهيلات واسعة لمن يسافر عبر الجسر.

حديثي السابق لا يغفل عن الحقيقة السياسية؛ بأن مطار رامون خطوة التفافية على مطار قلنديا الفلسطيني، وضمن أكذوبة التسهيلات لسكان الضفة الغربية، وهو خطوة تمهيدية لانتقال سكان غزة إلى العالم الخارجي عبر هذا المطار، وبهدف قطع الطريق على مطالبة الفلسطينيين بافتتاح مطار غزة، وهذا كله يفرض على القيادات الفلسطينية والأردنية أن يراجعوا خطواتهم السياسية، وأن يرجعوا إلى أصل الصراع، والذي يتمثل بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني.

فيا أيها القادة، لا تشغلوا بالكم بالقشور، وقد تجاهلتم لب الصراع؟