يعاني مئات الملايين حول العالم من مشكلة النوم غير الكافي ومنخفض الجودة. وتعد قلة عدد ساعات النوم الجيد أكثر من مجرد إزعاج، إذ تُظهر نتائج الأبحاث بشكل متزايد أن النوم الجيد يلعب دورًا رئيسيًا في الحفاظ على صحة العقول والأجسام.
وتؤدي قلة ساعات النوم الجيد إلى مجموعة واسعة من العواقب من سوء التركيز إلى الحالة المزاجية السيئة، ويمكن أن تؤدي إلى تغييرات في أجزاء من الدماغ بما يعزز الخيارات الغذائية السيئة.
عواقب وخيمة
ولهذا السبب يوصي الخبراء بضرورة الحصول على نوم جيد بشكل كافي كل ليلة، وينصحون بخطوات بسيطة من بينها الالتزام بجدول نوم ثابت وإبقاء غرف النوم مظلمة وباردة مع اتباع روتين الاسترخاء قبل النوم الذي يقلل من التعرض للضوء الاصطناعي.
من بين العواقب الوخيمة، التي تتسبب فيها مشكلات النوم، أن أحد المسارات غير المعروفة مسبقًا يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان من خلال خياراته الغذائية. فيما يلي بعض العوامل الرئيسية، التي تربط بين قلة النوم والخيارات الغذائية:
تفضيل الأطعمة غير الصحية
في دراسة أجريت عام 2020، اختبر الباحثون ما إذا كان هناك رابط بين قلة النوم وتفضيل الناس للأطعمة السكرية. بعد الحصول على نوم جيد أو الحرمان من النوم، طُلب من المشاركين تذوق خمس عينات منفصلة بدرجات متفاوتة من كميات السكر المضاف إليها.
واكتشف الباحثون أن المشاركين، الذين لم يناموا بشكل كافي لديهم تفضيل أقوى للخيارات السكرية. كما أن مجموعة المشاركين نفسها، التي تم حرمانها من ساعات نوم جيد، اتجهت إلى اختيار أطعمة ذات سعرات حرارية أكثر من الكربوهيدرات في وجبة الإفطار.
فواكه وخضروات أقل
تطرقت دراسة أخرى من عام 2022، نُشرت في دورية Sleep العلمية، إلى تأثير قلة النوم على تفضيلات طعام المراهقين. وكشفت النتائج أن من بين المراهقين الذين يحصلون على 6.5 ساعة من النوم في الليلة (مقابل 9.5 ساعات)، كان هناك استهلاك أكبر للسكريات والكربوهيدرات المضافة واستهلاك أقل للفواكه والخضروات.
مشاكل الغلوكوز
بمجرد أن يتم تناول الأطعمة غير الصحية، يبدو أن قلة النوم تجعل من الصعب على جسم الإنسان معالجتها. على وجه التحديد، تم ربط قلة ساعات النوم الجيد بمزيد من المشاكل في التعامل مع الغلوكوز في الوجبات الغذائية، مما يعني أنه يكون هناك ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات زمنية أطول، وكلاهما ربما يكون خطيرًا على الصحة العامة وصحة الدماغ.
زيادة الوزن
في مراجعة للدراسات التي نُشرت في عام 2018، خلص الباحثون إلى أن تقييد النوم أدى إلى زيادة كبيرة في الجوع واستهلاك السعرات الحرارية وحتى زيادة الوزن. وتكرر التوصل إلى النتائج نفسها أو مثلها في دراسات أخرى أيضًا. خلصت مراجعة 2021 لـ 50 دراسة منفصلة إلى أن تقييد النوم يؤدي إلى زيادة تناول السعرات الحرارية وعدد مرات تناول الطعام وكمية الطعام التي يتم تناولها في كل وجبة.
هرمونات مرتبطة بالشهية
يمكن أن يكون أحد أكبر الأسباب، التي تجعل قلة النوم مرتبطة بالتغيرات في زيادة استهلاك السعرات الحرارية مرتبطًا بهرمونات معينة مرتبطة بالشهية. ثبت بشكل مستمر أن هرمونات معينة تفرزها الأمعاء تلعب دورًا كبيرًا في مستويات الجوع. ولعل الأهم من ذلك هو أن المستويات المرتفعة من هرمون يسمى غريلين تم ربطها بزيادة الجوع واستهلاك السعرات الحرارية.
الدماغ المحروم من النوم
في إحدى الدراسات، اكتشف الباحثون أنه مقارنة بالأشخاص الذين يتمتعون براحة جيدة، فإن أولئك الذين حرموا من النوم زاد النشاط في جزء من دماغهم يسمى القشرة الحزامية الأمامية عندما نظروا إلى صور الطعام. ويرتبط هذا التنشيط بشكل مباشر بالجوع الذاتي للإنسان.
أظهرت أبحاث أخرى أن قلة النوم مرتبطة بالتغيرات في نشاط الدماغ في جزء من الدماغ يسمى قشرة الفص الجبهي، التي تلعب دورًا مهمًا بشكل خاص في القرارات المتعلقة بالتغذية، حيث أنها تعد مفتاحًا لضبط النفس الصحي.
ومن المثير للاهتمام أيضًا أن النوم الجيد يعزز التخلص من النفايات المتراكمة في الدماغ. أظهرت الأبحاث الحديثة أن الحرمان من النوم يضعف بشكل كبير هذه العملية. يُعتقد أن عملية إزالة النفايات يمكن أن تؤثر على مستويات الالتهاب في الدماغ، وهو أمر ملحوظ لأن الالتهاب العالي يرتبط باتخاذ قرارات أكثر اندفاعًا. تم بالفعل ربط خلل التخلص من النفايات في الدماغ نتيجة قلة النوم بآثار طويلة المدى على صحة الدماغ، ولكن مع توسع البحث العلمي، ربما يتبين أن هناك صلة إضافية بين تأثير قلة النوم على وظيفة الدماغ بما ينعكس على عملية صنع القرارات اليومية.