عقب الضجة المفتعلة التي أثارها الاحتلال ضد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي اتهمه بتنفيذ 50 محرقة ضد الشعب الفلسطيني، زعمت أوساط إسرائيلية أن المناهج الدراسية الفلسطينية تواصل التحريض على الاحتلال، لتخريج أجيال فلسطينية لا تؤمن بالسلام معه، وتعتنق مبادئ المقاومة المسلحة.
تدعي المحافل الإسرائيلية التي تعكف على رصد محتويات الكتب التعليمية الفلسطينية، وترسل تقاريرها التحريضية ضدها أولًا بأول إلى الدول المانحة، أن مليون طالب فلسطيني يتلقون هذه المفاهيم المعادية للاحتلال في دروسهم اليومية، سواء كان في المدارس الحكومية أو مدارس أونروا، ما زاد من الضغوط الأوروبية على السلطة الفلسطينية لتغيير بعض محتويات مناهجها استجابة للمطالب الإسرائيلية.
ما تنفك الأوساط الدعائية الإسرائيلية عن الزعم بأن إلقاء نظرة عامة على الكتب المدرسية الفلسطينية يكشف عن محتويات معادية جدًّا تحض على الجهاد والعنف والتحريض ضد (إسرائيل) واليهود، في جميع المراحل المدرسية، وفي جميع المواضيع التعليمية، دون ذكر الهولوكوست، ولو بجملة واحدة، وكأننا مطالبون بذكر هذه المسألة، وغض الطرف عن المجازر والمذابح التي يرتكبها الاحتلال ضدنا.
أكثر من ذلك، فإن هذه المحافل تستكثر على المناهج الدراسية الفلسطينية أن تتضمن الحديث عن عملية ميونيخ ضد الرياضيين الإسرائيليين في 1972، باعتبارها نموذجًا للحرب الفلسطينية المشروعة ضد المصالح الصهيونية، فضلًا عن ذكر معلومات تاريخية عن الهجمات الفدائية ومنفذيها، خاصة دلال المغربي، التي تم تمجيدها كنموذج يحتذى به، زاعمين أنه يتم تدريس اللغة العربية من خلال قصة عنيفة وصادمة تمجد ارتداء الأحزمة الناسفة.
لا يتوقف التحريض الإسرائيلي عند هذا الحدّ، فهناك معاهد إسرائيلية متخصصة تدرس وتحلّل الكتب المدرسية الفلسطينية، زعمت في استخلاصاتها أن مناهج التعليم الفلسطينية ترفض إمكانية للتوصل لسلام مع (إسرائيل)، على حين تشجع أعمال المقاومة المسلحة مثل هجوم ميونيخ، وهذا الجيل من أطفال المدارس الفلسطينيين لا يعرفون إلا كراهية اليهود والاحتلال، ولم يتبقَّ على الأخير سوى أن يعدّ لنا مناهجنا الدراسية، وبلغته العبرية كي نقدمها لأبنائنا الطلبة كي يتعرفوا إلى النموذج الإسرائيلي المطلوب تسويقه!
في الوقت ذاته، يتغافل الاحتلال في تحريضه على المناهج الفلسطينية ما تتضمنه مناهجه الدراسية من عنصرية فجّة، إلى حد الاستعانة بالتصاوير الاستعلائية العدائية المصاحبة للنصوص التعليمية بتصوير الإنسان العربي على أنه "طويل القامة، وعريض المنكبين، يلمع في عينيه بريق الغضب، وجهه قاسٍ تحت جبين ضيق وصغير، وشاربه مدبب"، ما يثير في نفوس الأطفال اليهود الرعب والخوف، في حين تصف الجندي اليهودي بأنه مسالم لا يحب الدم والقتل، ومن يدفعه لذلك هو العربي المتعطش إلى الدماء والقتل".