فلسطين أون لاين

لا حصانة ولا سيادة

أعلنت الشرطة الألمانية أن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن الهولوكوست التي وجهها ضد (إسرائيل) قد تكون سبباً للتحقيق ضده بتهمة التحريض. الحكومة الألمانية تفترض أن الرئيس عباس يتمتع بالحصانة لأنه كان في جمهورية ألمانيا الاتحادية في إطار “زيارة رسمية"، لكن خبيرا ألمانيا في القانون الجنائي يقول إن المسألة الحاسمة ليست الدعوة الرسمية من قبل ألمانيا وإنما هل فلسطين دولة أم لا وخاصة أن ألمانيا لم تعترف بفلسطين كدولة.

لا أعتقد أن الحكومة الألمانية تعاملت مع السيد محمود عباس كرئيس جمعية خيرية أو منظمة سياسية وإنما تعاملت معه كرئيس دولة حتى لو لم تعترف بفلسطين رسميًّا، ومن المفترض ألا تثار مسألة الحصانة لأنه شيء معيب في حق ألمانيا وحق السلطة الفلسطينية، وما يحدث هو  دليل على أن المجتمع الدولي يسير دون قوانين، وهو أشبه بشريعة الغاب لدولة الاحتلال فيها سيطرة كبيرة، وأعتقد أن لدى دولة الاحتلال مفاتيح كل دولة لتتحكم فيها، وبالنسبة لألمانيا فإن قضية الهولوكوست مسألة خطيرة لا يمكن الاقتراب منها أو التشكيك فيها، ولذلك يمكن لألمانيا أن تفعل الكثير من أجل إرضاء (إسرائيل) للتكفير عن ذنب -حسب زعمهم- اقترفه رئيس السلطة الفلسطينية على أرض ألمانيا.

تصريحات يسيرة لرئيس السلطة كشفت بوضوح أن السلطة ليست أكثر من وهم، فالرئيس قد يفقد حصانته خارج فلسطين، وتفقد السلطة الفلسطينية كل سيادتها داخل أراضي السلطة الفلسطينية، وقد شاهدنا كيف قام الاحتلال بإغلاق جمعيات إنسانية وحقوقية في المنطقة الواقعة تحت "السيادة" الفلسطينية المزعومة، وعندما سئل رئيس الوزراء د. محمد اشتية عن إعادة فتح تلك المؤسسات من الجانب الفلسطيني قال لمسؤولي تلك المؤسسات اذهبوا وافتحوها وسنتعامل معها على أنها قانونية ولن نغلق حساباتها، ولكنه لم يخبرهم ماذا لو تم اعتقال كل المسؤولين والعاملين في تلك المؤسسات من جانب الاحتلال الإسرائيلي، هل يخرجهم من السجون؟ هل لديه القدرة للدفاع عنهم؟ ولماذا لا تقوم السلطة الفلسطينية بإعادة فتح المؤسسات التي أغلقها الاحتلال حتى تحرج المحتل وتحمله كامل المسؤولية عن احتكاكه بالسلطة الفلسطينية وأجهزتها؟  

أعتقد أن تداعيات تصريحات الرئيس محمود عباس في ألمانيا سيكون لها ارتدادات كثيرة وخطيرة، وباختصار ستقوم (إسرائيل) بابتزاز السلطة الفلسطينية من لحظة إطلاق التصريحات حتى نهاية (إسرائيل) ذاتها، وقد سمعنا أن السلطة تراجعت عن تهديداتها السابقة وقد تؤجل الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية وأعتقد أيضًا أن المجلس المركزي لمنظمة التحرير سيكف عن التلويح بتنفيذ قراراته التي من ضمنها سحب الاعتراف بشرعية (إسرائيل) لأن الأخيرة وجدت الفرصة لتمثيل دور الضحية الساعية إلى استرداد "شرفها"، مع أن الجميع يعلم أن الهولوكوست مجرد خيال وما ارتكبته (إسرائيل) من مجازر ضد الشعب الفلسطيني أمر واقعي.