المحرقة (الهولوكست) قضية تاريخية منتهية. من كتب فيها لم يجمعوا على رأي واحد. ولم يتفقوا على أعداد الضحايا. قلة منهم من يعدهم بالملايين. وبعضهم يرى أنها لم تحرق اليهود فقط، بل حرقت غيرهم. وفي الأسباب ذكروا العنصرية النازية، ولكن بعضهم رأى أن اليهود في ألمانيا ارتكبوا جريمة الخيانة، وتعاونوا مع الحلفاء. بعد انتصار الحلفاء وهزيمة النازي ضخمت اليهود الجريمة، ووظفتها للحصول على تعويضات ضخمة من ألمانيا الحديثة.
(إسرائيل) حصلت على أموال كبيرة، وعلى سلاح متقدم، وعلى غواصات متطورة، وما زالت تحلب ألمانيا باسم المحرقة، حتى باتت المحرقة عقدة العقد في ألمانيا، ولا يجوز لأحد أن ينكرها، أو يقلل من شأنها وأحداثها.
هذه القضية بمفاهيمها صادقة أو كاذبة تخص ألمانيا وتخص اليهود، ولا تخص أحدًا غيرهم. نحن في فلسطين لا تعنينا محرقة اليهود، إلا من جانب واحد هو أن الإسلام حرّم حرق الإنسان، وغير ذلك لا يعنينا. إن ما يعنينا هو أن اليهود الذين نجوا من المحرقة اغتصبوا بلادنا فلسطين، وطردونا منها شر طردة، وجعلونا لاجئين نبحث عن مساعدات الآخرين، على حين كنا أغنياء أعزاء في بلادنا.
من نجوا من المحرقة يمتلكون اليوم سلاحا فتاكا، وسلاحا ذريا، وطائرات تقصفنا عند أدنى مناسبة، لقد حرقونا بقنابل النابالم، وبالفسفور الأبيض، وما زالوا يقصفون الأبراج السكنية متعددة الطوابق، ويتعمدون قتل وإصابة المدنيين، وهم يأسرون آلاف الفلسطينيين بينهم نساء وأطفال، وهم يقتلون المارة عند أدنى شبهة، وحين يكتشفون خطأهم في القتل، لا يقدمون اعتذارًا، ولا تعويضًا.
وعليه لماذا يريدون من الفلسطيني، والرئيس عباس أن يعترف بمحرقتهم، دون أن يدافع عن حق الفلسطيني في الحياة، من دون قتل، أو إحراق، ومعارك قتل الفلسطينيين وحرقهم حديثة، وليست قديمة من التاريخ؟
لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا، فلسنا عبيدا لمحرقة النازي صادقة كانت أو كاذبة، نحن لسنا محققين في جرائم النازي، وقد تضررت بجرائمه شعوب كثيرة غير الطائفة اليهودية، ولكنا معنيين بحقنا في الحياة ورد عدوان اليهود أطفالنا ونسائنا، ونرى فيها جريمة تتفوق على جريمة النازي، وعباس لم يخطئ حين ذكر جرائم (إسرائيل) ضد أبناء شعبنا. وإن الحملة التي تشنها ألمانيا ضده هي حملة ظالمة وعدوانية.