فلسطين أون لاين

تقرير "المدهون" دمر الاحتلال حلمه مرتين.. هل يعافر للمرة الثالثة؟

...
غزة/ مريم الشوبكي:

بعد سنوات من التعب والسعي، قرر محمد المدهون تحويل حلمه بمركز للتدريب إلى حقيقة يمارس فيه شغفه التكنولوجي، وفي الوقت ذاته يكون مصدر رزق له.

قبل أربعة أعوام بدأ محمد خطواته الأولى على طريق حلمه، فافتتح مركز "فريم للتدريب والتطوير التكنولوجي"، وإذا بصواريخ إسرائيلية تدمره كاملًا، وهو لم يقف على قدميه بعد، عافر ونقض غبار الدمار واليأس، وعاود الوقوف من جديد، ولم تكد تمر أشهر قليلة حتى هدمت الصواريخ الإسرائيلية حلمه من جديد.

ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2018م اختار محمد (33 عامًا) عمارة كحيل التي تقع بالقرب من الجامعة الإسلامية غرب مدينة غزة مكانًا مناسبًا لمشروعه، مرت ثلاث سنوات وهو يعمل على تطوير مشروعه دون تحقيق أي ربح، وفي مايو 2021 حينما بدأ يشعر بمردود جيد اتجه لإمداد المركز بأدوات وأجهزة جديدة، فجاءت الحمم الإسرائيلية لتنهي كافة تخطيطاته، حيث دمرت البناية كاملًا.

بعد أن وضع العدوان الإسرائيلي أوزاره، لم يترك نفسه لليأس فنهض من جديد بمساعدة من حوله، مصممًا على مواصلة ما بدأه رغم خسارته كل ما يملك.

يقول محمد لـ"فلسطين": "تشجيع أهلي وزوجتي كان الدافع الأساسي وراء وقوفي مرة ثانية حيث باعت مصاغها لكي أتمكن من استئجار مكان جديد، رغم أنّ عملية البحث عن مكان جديد مضنية بسبب خوف أصحاب الشقق من تأجيرها لشخص قد قصف مكانه في مرات سابقة".

ويتابع: "بعد ستة أشهر من البحث تمكنت من إيجاد شقة في برج فلسطين حيث حصلت على تعويض عن الأضرار المادية، ومع مبلغ قمت باستدانته استطعت توفير أدوات ومعدات بسيطة جهزت بها المركز وانطلقت من جديد".

ولكن محمد لم يهتم بحجم الدمار الذي لحق بمركزه الذي قدره بنحو 18 ألف دولارٍ، بقدر اهتمامه كيف ينجو بعائلته من الحرب الضروس التي أنهكت الغزيين، ولكن وجد نفسه بلا عمل، والحياة عادت لتستمر من جديد.

المرة الثانية

بدأ محمد يلتقط أنفاسه، وتمكن من استعادة ثقة المتدربين والمحافظة عليهم، واستكمل دوراته التدريبية، ولكن "يا فرحة ما تمت"، حيث كان على موعد مع فقدان حلمه للمرة الثانية بعدما قصف جيش الاحتلال شقة سكنية في برج فلسطين واغتالت قائد لواء المنطقة الشمالية لسرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.

نالت الصواريخ من مركز "فريم" وكانت حصيلة الخسائر ضرر جزئي بليغ للمكان، حيث دمرت كل الشاشات، وأجهزة الحاسوب، والميكروفونات، والطاولات، والكراسي، وغيرها.

وقف محمد مذهولًا مصدومًا من هول الدمار الذي لحق بمركزه، تصارعت الأفكار في رأسه هل يهاجر لعله يجد فرصة عمل ينهض بها من جديد وتُعوّضه عن كل ما فات، أم ينتفض على اليأس وحالة الإحباط، ويعاود البدء من جديد للمرة الثانية.

يتحدث: "البيئة في غزة غير مساعدة على نجاح أي مشروع، فبصاروخ إسرائيلي ينتهي كل شيء، وهذه ضريبة صمودنا على هذه الأرض، والاحتلال يتعمد تدمير حياة وطموحات الشباب".

يمضي محمد إلى القول، بأنّ البعض يُقلّل من قيمة الدمار الذي لحق بالمركز، بدعوى بضع مئات من الدولارات مقابل ملايين خسرها غيره، "ولكنّ الـ 10 آلاف دولار التي خسرتها تُعادل الـ50 مليونًا التي خسرها غيري فكلانا خسر كل ما يملك وعاد إلى نقطة الصفر، فالألم واحد".

هل محمد مستعد للوقوف مرة ثالثة لبناء حلمه من جديد؟، يجيب: "كل شيء تدمر، حتى إنني ممنوع من دخول البرج الذي أُخلي من جميع سكانه مدة ستة أشهر حتى الانتهاء من إصلاح الأضرار، لذا سأبحث عن مكان آخر أستأجره، وهذه العملية مضنية للغاية، فمعظم مالكي الشقق يطلبون دفع إيجار مقدم بين ثلاثة إلى ستة أشهر وهذا ما لا أستطيع فعله لأني لا أملك أي مبلغ حاليًّا".

ويردف: "وفي الوقت ذاته لا ينفك المتدربون عن سؤالي هل سيكملون دوراتهم التدريبية، أم ينسحبون منها، وهذا يزيد الضغط عليّ، لأني لن أتمكن من إعادة أموالهم ولا حتى الحصول عليها، ولا دفع المصاريف التشغيلية للمُدربين، وإيجار الشقة، ولا تسديد الديون".

ويتابع المدهون: "حتى لو وجدت مكانًا آخر للتدريب، فموسم الإجازة الصيفية قد شارف على نهايته، ومعه تنتهي المدة الذهبية لعمل مراكز التدريب التي تنتعش في هذا الوقت".

ويختم حديثه بمطالبة جميع الجهات المعنية، الدولية، أو حتى الحكومية بمساندة الشباب بكلّ الوسائل ولا سيّما أصحاب المشاريع الذين تضرروا من العدوان الأخير، حتى يمكنوهم من العودة من جديد لبناء مشاريعهم، وتمكينهم اقتصاديًّا.