فلسطين أون لاين

اختطفه جهاز المخابرات يوم الجمعة الفائت

تقرير الصحفي طبنجة.. ملاحقات أجهزة السلطة تعقِّد حياته وتحرمه مصدر رزقه

...
الصحفي مجاهد طبنجة
نابلس-غزة/ مريم الشوبكي:

بعد أن قضى مجاهد طبنجة يومًا شاقًّا وطويلًا في تصوير ونقل فعالية "فجر الشهداء"، التي أقيمت فجر الجمعة 12 من أغسطس/آب الجاري في مساجد نابلس، غادر مقر عمله في وكالة فلسطين بوست عصر ذات اليوم، متجهًا نحو عمله الثاني بائعًا في محل للبقالة في ذات المدينة.

وقد شارك آلاف المواطنين في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة اليوم بفعالية "فجر الشهداء" وفاءً للشهداء والجرحى والأسرى، بالتزامن مع فعاليات مشابهة في محافظات الضفة.

اختطاف واختفاء

وصل مجاهد المحل وهمَّ بفتح الباب، وما هي إلا لحظات حتى داهمت قوات من جهاز المخابرات "أحد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية" في نابلس المكان، طلب منهم الاتصال بصاحب المحل لكي يأتي لتسلمه، وبعد عناء منحوه دقيقة للاتصال عليه وإخباره بالأمر، وأصر على إغلاق المحل، ولكنهم رفضوا وانطلقوا به على وجه السرعة.

حتى هذه اللحظة تجهل عائلة طبنجة أي معلومات عن مصير ابنهم مجاهد وحالته الصحية، ومكان وجوده، إذ لا يزال يمنع جهاز المخابرات من الاتصال بأهله للاطمئنان إليه.

قبل أيام قليلة احتفل مجاهد (22 عامًا) بتخرجه في تخصص ‏العلاقات العامة والاتصال‏ في ‏جامعة النجاح الوطنية، ومنذ عام تقريبًا يعمل مصورًا ومراسلًا لوكالة فلسطين بوست.

يتحدث شقيقه معتصم لـ"فلسطين" عن ظروف اعتقال مجاهد: "منذ فجر الجمعة لم نرَ مجاهد، إذ خرج كعادته في تغطية أحداث نابلس، وبعد العصر يوميًّا يتوجه لعمله الآخر في البقالة، وإذ بهاتفي يرن عصر اليوم ذاته وكان صاحب المحل الذي أخبرني أن مجاهد قد اعتقله جهاز المخابرات من مكان عمله".

ويتابع: "منذ يوم الجمعة ننتظر أي مكالمة من مجاهد لكي يطمئننا إلى نفسه، ولكن حتى اللحظة لم يسمحوا له بذلك، ونستطلع أخباره من معارفنا ولكن لا أحد يفيدنا بأي معلومة عنه".

ويشير معتصم إلى أن مجاهد اعتقل العام الماضي من قبل جهاز الأمن الوقائي، واحتجزوا راتبه الذي يتلقاه من الوكالة بدعوى أنها "أموال مشبوهة"، مع أنه الموظف الوحيد الذي حجب عنه راتبه دون زملائه الآخرين.

وحتى اليوم يعاني مجاهد حجز راتبه، ومنع محال الصرافة التي تتلقّى أموالًا عبر ويسترن يونيون من صرف راتبه، بعد أن يُحوَّل من مقرّ الوكالة في تركيا، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ استُدعِي للتحقيق أكثر من مرة وتركِّز ذلك حول عمله الصحفي.

ويلفت معتصم إلى أن مجاهد يعمل مصورًا ينقل كلَّ الأحداث التي تجري في الضفة الغربية ولا سيما في مدينة نابلس، لمختلف الفصائل والتنظيمات ولا يستثني منها أحدًا.

ونظرًا لذلك اعتقله جنود الاحتلال الإسرائيلي في عام 2018، وأمضي نحو ثمانية أشهر داخل سجون الاحتلال.

ويوضح معتصم أن الأجهزة الأمنية تعمل على محاربة مجاهد في رزقه، بدءًا من الاختطاف المتكرر، إلى عملية احتجاز راتبه حتى اليوم، وهو مصدر رزقه الوحيد.

ومجاهد هو آخر العنقود والابن المدلل لوالديْه الكبيريْن في السن، إذ يشاركهما السكن ويعتني بوالده المريض بالسرطان الذي أفقده القدرة على النطق، إذ كان يهتم بالتكفل بمصاريف علاجه من عمله في البقالة بعد حجب راتبه.

في أثناء تغطيته الأحداث، قالت عنه والدة الشهيد إبراهيم النابلسي "إنه يستحق تكريمًا على ما يقدمه من أجل البلاد في تغطية جرائم الاحتلال".

ويذكر معتصم أن العمل الصحفي لشقيقه يتركز على تغطية قصص أهالي الشهداء، والجرحى، والأسرى، وكل ما يتعرض له أبناء شعبه من جرائم للاحتلال الإسرائيلي.

ويختم معتصم حديثه: "كفى اعتقالات سياسية، في الوضع الراهن يحتاج الفلسطينيون إلى اللحمة السياسية، ورص الصفوف، لمواجهة العدو الأول وهو الاحتلال الإسرائيلي".

وإزاء اعتقال طبنجة بين "منتدى الإعلاميين الفلسطينيين" في بيان له أنه يتابع بقلق زائد الانتهاكات المتوالية بحق الصحفيين في الضفة الغربية في تمادٍ بانتهاك حرية الصحافة، مطالبًا نقابة الصحفيين بضرورة التحرك السريع لإطلاق سراح مجاهد وعدم المشاركة في انتهاك الحريات الإعلامية بصمتها".