أدان الاتحاد الأوروبي ازدياد أعمال عنف المستوطنين التي كان آخرها جريمة قتل الفتى أمجد نشأت أبو عليا (15 عامًا)، في قرية المغير، شمال شرق رام الله الجمعة.
الاتحاد الأوروبي لم يكتفِ بالإدانة بل دعا في بيان صحفي مقتضب، اليوم الأحد، وفيما يمكن وصفه بـ"الكوميديا السوداء" إلى إجراء تحقيق سريع وشفاف، في جريمة قتل الفتى أبو عليا؛ تحقيقات تنتهي عادة بإدانة الضحية بعد قتلها!
ليست المرة الأولى التي يدين فيها الاتحاد الأوروبي جرائم الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية، ولعل أبرز تلك المواقف الإدانة القوية لمقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة والاعتداء على جنازتها أمام كاميرات الإعلام العربي والعالمي المحايد، ولكن دون جدوى أو فائدة أو إجراءات عملية على الأرض كتلك المتبعة في أوكرانيا.
إدانات لم تتخللها أي إجراءات أو تهديد بعقوبات أوروبية تطال قادة الجيش الإسرائيلي أو قيادت المستوطنين ومليشياتهم التي باتت تتجول بين القرى والبلدات الفلسطينية دون حسيب أو رقيب، تقتل وتسلب في الضفة الغربية والمدن المختلطة في فلسطين المحتلة عام 48.
الاتحاد الأوروبي الذي امتلك الحماسة والإرادة لفرض عقوبات على روسيا بكلف اقتصادية وأمنية مرتفعة، وجدوى سياسية واقتصادية وأمنية منخفضة، دفع ثمنها الفقراء قبل الاغنياء في القارة الاوروبية والعالم، تتعامل بمعايير مزدوجة وفتور كبير عندما يتعلق الأمر بالانتهاكات الاسرائيلية! علما ان العقوبات ذات جدوى مرتفعة سياسيا وانسانيا لمكافحة الاحتلال الاسرائيلي، وبتكلفة منخفضة تفوق تلك المفروضة على روسيا وعمليتها الخاصة الإشكالية في اوكرانيا.
أوروبا لا تكتفي بالمراوغة والمناورة لتجنب معاقبة "اسرائيل" ومحاصرتها، بل تعمد في بعض الحالات تعطيل العقوبات والحملات التي تطلقها الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني في أوروبا وتجرمها؛ بحجة "معاداة السامية"! مقدمةً مبررات للاحتلال لمواصلة جرائمه وانتهاكاته.
ازدواجية المعايير الأوروبية باتت آفة خطرة تنخر في لب القيم الانسانية التي تدعي أوروبا الدفاع عنها، وتؤكد الطبيعة الاوروبية المنحازة للاحتلال بتبرير جرائمه وانتهاكاته على الارض الفلسطينية؛ فأوروبا تتبرع بشراء الوقت للاحتلال الاسرائيلي لمتابعة جرائمه من خلال الحديث عن تحقيقات يجريها المحتل وجنوده ومليشياته، أو من خلال الحديث عن "معاداة السامية" لتبرير جرائم "إسرائيل" واحتلالها واكتفائها بإدانات فارغة جوفاء تكتفي فيها بمناشدة القاتل بمحاكمة الضحية قبل قتلها كحد أدنى!!
ختامًا، أوروبا يومًا بعد الآخر تخسر معركتها وصورتها في الشرق؛ فالحرب الأوكرانية عَرَّتها أخلاقيًّا، وزادتها انكشافًا في المنطقة، ما يتطلب مراجعة أوروبية تبدأ بفرض عقوبات على الاحتلال الاسرائيلي وقادته، خصوصا ان كلفة العقوبات على الاحتلال الاسرائيلي لا تعادل 0.0000001% من كلفة العقوبات المعلنة على روسيا ذات الجدوى السياسية والعسكرية المحدودة، في حين ان مردودها في ردع الاحتلال الإسرائيلي، والحد من فاعليته في انتهاك الحقوق الإنسانية، وإثارة الفوضى وتهديد الاستقرارًا تصل إلى 100%.