قرر مجلس القضاء الأعلى في رام الله وقف العمل بالتعاميم السابقة المتعلقة برسوم السندات العدلية المنظمة أمام كاتب العدل وفق اللائحة التنظيمية رقم 1 لسنة 2009 بشأن تنظيم السندات العدلية والشركات والعقود التي ينظمها المحامون حسب الأصول وقد أصدر المجلس تعميمًا لرؤساء المحاكم النظامية بهذا الخصوص، وذلك حفاظًا على استمرار تقديم الخدمات العدلية للمواطنين التي تمـس شـؤون حياتهم اليومية والتي لا تحتمل التأخير بسبب الإضراب المستمر لنقابة المحامين.
مجلس القضاء الأعلى يقول إنه اتخذ القرار حرصًا على مصالح المواطنين؛ فليكن، ولا نريد أن نناقش الأمر من زاوية المعركة الدائرة بين مجلس القضاء الأعلى والسلطة من جهة وبين نقابة المحامين والكثير من النقابات من جهة اخرى، ولكننا سنناقش الأمر من زاوية" مصالح المواطنين" و"الحفاظ على حقوقهم وأموالهم "، حيث إن مصالح المواطنين لا تتمثل فقط في تسهيل معاملاتهم وإنما تتمثل في إجراء تلك المعاملات بعدالة وبطريقة قانونية تحافظ على حقوق المواطن ومصالحه وأمواله. قرار مجلس القضاء الأعلى يعني أن المواطن يمكنه إتمام معاملات مثل تسجيل الشركات أو تنظيم الوكالات الخاصة أو الدورية أو غيرها من المعاملات دون الحاجة الى تنظيم من نقابة المحامين ودون الحاجة إلى دفع الرسوم الطائلة والتي قد تتراوح من عشرات الدنانير للوكالات الدورية إلى آلاف الدنانير كتسجيل الشركات، وإذا كان بالإمكان تجاوز دور النقابة في هذه الأمور لظروف اضطرارية لماذا لا يتم تجاوزها بسبب الضائقة المالية التي يعانيها شعبنا؟ لماذا تُفرض على المواطنين رسوم لا طاقة له بها وتثقل عليه وتفاقم من أزماته المالية؟
الأمر الأكثر أهمية أن ما يتم دفعه من رسوم لنقابة المحامين وغيرها من النقابات ليس له أساس دستوري وهو مخالف للقانون الفلسطيني، حيث إن أي رسوم -بغض النظر عن المسمى الذي تتبناه الجهات القابضة- لا بد أن تكون بقرار من المجلس التشريعي وليس اعتباطا أو اجتهادا من الحكومة أو النقابات أو حتى الهيئات المحلية، لذلك ليس من حق أي مسؤول فرض "رسوم" على المواطن دون وجه حق ودون سند قانوني.
يقول الدكتور أنيس قاسم وهو خبير في القانون الدولي ومؤسس الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، يقول بهذا الخصوص: "لا يمكن أن تمنح نقابة بأن تفرض مثل هذه الرسوم أو الجبايات دون تفويض بقانون من الدولة، المجلس التشريعي، هو من يفوّض النقابة بتقاضي رسوم من أعضائها رسومًا لا تتجاوز كذا أو رسوم عضوية. حتى من الأعضاء لا تستطيع أن تجبي جبايات من الناس إلا بقانون، وإلا تصبح "إتاوة" تفرض بالقوة، وهذا لا يجوز".