بعد فشل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تمرير مناهجها بمدارس مدينة القدس المحتلة، والسيطرة على مدرسيها وتوجيههم لتنفيذ سياساتها، لجأت إلى استخدام القوة والقمع في مواجهة تلك المدارس، لتمرير روايتها المضللة.
وذهبت سلطات الاحتلال إلى سحب التراخيص الدائمة لمدارس فلسطينية بالقدس المحتلة، ضمن مساعيها لأسرلة التعليم بالمدينة، وممارسة الضغوطات على تلك المدارس، بسبب استمرارها في الحفاظ على الهوية الفلسطينية.
واستهدف قرار الاحتلال، الكلية الإبراهيمية في حي الصوانة التي أسست عام 1931، ومدارس الإيمان بفروعها الخمسة في أنحاء القدس المحتلة، التي أسست عام 1984.
وتُصنف المدارس التي سحب الاحتلال تراخيصها على أنها خاصة أهلية وتضم أكثر من ألفي طالب مقدسي وتتمتع بمعايير الجودة العالمية.
وتتجاوز سلطات الاحتلال القانون الدولي من خلال السيطرة بالقوة على المدارس، حيث كفلت المادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حقّ الشعوب تحت الاحتلال في الحصول على التعليم الذي يُساير معتقداتهم وحماية ثقافتهم وتراثهم من التغيير أو التشويه.
ويبلغ عدد الطلبة بمدينة القدس المحتلة، في كلٍّ من المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية نحو 98428 طالبًا وطالبة وفقًا لبيانات مؤسسة فيصل الحسيني التي نشرتها مطلع شهر يوليو/تموز الجاري.
استهداف ممنهج
ويؤكد رئيس مركز القدس الدولي، د. حسن خاطر، أنّ قطاع التعليم في مدينة القدس، مستهدف، إذ يعمل الاحتلال منذ أكثر من عقد ونصف بشكل ممنهج من أجل ضرب قطاع التعليم بالمدينة.
ويقول خاطر في حديثه لـ"فلسطين": "كان الاحتلال في البداية يعمل على ترويج المخدرات في مدارس مدينة القدس، وصرف رواتب للمدمنين لتشجيعهم على تناول تلك السموم، وذلك ضمن استهداف التعليم".
ويضيف: "قطاع التعليم في القدس يعاني بنية تحتية ضعيفة، ونقصًا في عدد المدارس والصفوف، وعدد المدرسين، وتدنيًا في رواتب وأجور العاملين، إذ لم تعد تستقطب الموظفين أصحاب المهارات".
ويوضح أنّ الاحتلال عمل على تهجير الطلبة من المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والسلطة، إلى المدارس التابعة للاحتلال، بسبب الامتيازات الكبيرة التي تُطرح في تلك المدارس والتي يُدرَّس فيها المنهاج الإسرائيلي.
ولفت خاطر إلى أنّ قرار الاحتلال بسحب التراخيص من 6 مدارس، يعود إلى تضمنه المناهج التي تقدمها تلك المدارس، والتي تتعلق بالقضايا الوطنية، خاصة الأسرى، والشهداء.
وبيّن أنّ قطاع التعليم في القدس، مهدد بالانهيار لصالح مدارس الاحتلال، وهو ما يتطلب من السلطة في رام الله توفير البنى التحتية للمدارس، ورفع الميزانيات المخصصة لها، وقطع الطريق أمام الاحتلال.
تجهيل الشباب
من جانبه، يؤكد المختص في شؤون القدس، فخري أبو دياب، أنّ سلطات الاحتلال تريد تجهيل الشباب الفلسطيني وتحديدًا أهل مدينة القدس المحتلة، ومحاربة الوعي، وتمييع الثقافة، وإيصال المنهاج الذي تريده، لصرف الأجيال عن مواجهة الاحتلال، وقبوله.
ويقول أبو دياب في حديث لـ"فلسطين": إنّ "المناهج في بعض المدارس تتحدث عن عروبة فلسطين والفتوحات الإسلامية بداية من فتح عمر بن الخطاب لمدينة القدس المحتلة، ما يغضب الاحتلال ويجعله يُضيّق الخناق عليها".
ولفت إلى أنّ الاحتلال يمارس الضغوط على بعض المدارس بسحب ترخيصها وإغلاقها وعدم إعطائها الامتيازات التي تحصل عليها المدارس الأخرى لإغرائها للقبول بالمنهاج الإسرائيلي.
وشدد أبو دياب على أنّ مدارس القدس بحاجة إلى دعم وتخصيص صندوق لدعمها في مواجهة مخططات الاحتلال.
وأمس، دعت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات إلى وضع خطة طوارئ لحماية المدارس المقدسية التي سحبت سلطات الاحتلال تراخيصها، مطالبةً السلطة في رام الله بتحمُّل مسؤولياتها بوضع آليات فعالة لمواجهة مخططات الاحتلال التي تستهدف ضرب الهوية الوطنية للمقدسيين بواسطة بوابة التعليم.
وأكدت الهيئة في بيان صحفي، أنّ القرار الإسرائيلي يأتي في سياق ما يُسمى بالخطة الخمسية التي وضعتها سلطات الاحتلال لتصفية التعليم في مدينة القدس وتحويل آلاف الطلبة إلى المنهاج الإسرائيلي بقوة الأمر الواقع.
وأشارت إلى أنّ سلطات الاحتلال تسعى إلى إغلاق عدد كبير من روضات الأطفال خاصة داخل البلدة القديمة في القدس وتحويلها إلى روضات تابعة لبلدية الاحتلال.