قبل شهر نصبت إسرائيل منصة استخراج الغاز من حقل كاريش، في المنطقة الاقتصادية البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، بهدف استخراج الغاز مع بداية شهر أيلول سبتمبر من هذه السنة 2020.
لجوء الكيان الصهيوني إلى نصب منصة استخراج الغاز بمنزلة عدوان سافر على المياه الاقتصادية اللبنانية، واستخفاف بالمفاوضات الجارية بين الطرفين، وهذه هي السياسة الإسرائيلية التي دأبت على تطويع المنطقة العربية لإرادتها، وفرض سياسة الأمر الواقع، واعتماد القوة طريقاً لتحقيق الأطماع، وعلى العربي المتضرر أن يلجأ إلى الأمم المتحدة لتقديم الشكوى.
هذه السياسة العدوانية الإسرائيلية لم ترقَ لحزب الله، وبكل تأكيد لا ترضي الشعب اللبناني، لذلك انطلقت مسيّرات حزب الله، ووصلت إلى حقل "كاريش" في رسالة تهديد واضحة، بأن حزب الله لن يسمح لكم باستخراج الغاز، والانتفاع بثمنه مادياً، في الوقت الذي يتضور فيه اللبنانيون جوعاً، ويبيتون على العتمة.
الكيان الصهيوني الذي يعرف حزب الله جيداً، أخذ على محمل الجد تحرك المسيّرات اللبنانية إلى حقل "كاريش"، وزاد من عدد قواته المنتشرة براً وبحراً حول حقل الغاز، ولاسيما بعد أن سمع تهديداً صريحاً من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قال فيه: "إذا مُنع لبنان من إنقاذ نفسه باستخراج غازه ونفطه، فلن يستطيع أحد أن يستخرج أو يبيع غازاً ونفطاً أيّاً كانت العواقب".
هذه التصريحات لها غطاء عسكري على الأرض، ولها ما يساندها من قوات أعدت نفسها للمواجهة، وتؤكد أن الحرب بين العدو الصهيوني ولبنان باتت تنتظر شهر سبتمبر أيلول، ما لم ينكسر العدو الإسرائيلي، بالتراجع، أو الاتفاق.
العدو الإسرائيلي أرسل رسائل التحذير، والتهديد، وفي الوقت نفسه أرسل الوسطاء، وعلى رأسهم الوسيط الأمريكي الذي سيصل إلى المنطقة نهاية هذا الأسبوع، ليمارس دور الوساطة، تحت التهديد بالحرب، وساطة أمريكية تهدف إلى تقسيم المنطقة البحرية بين الطرفين، قبل سبتمبر أيلول، الموعد الذي التزمت فيه إسرائيل أمام العالم، وأمام شعبها باستخراج الغاز.
حتى اللحظة، يمارس العدو الإسرائيلي كل أشكال الحرب النفسية ضد الشعب اللبناني، ويهدد بإعادته إلى العصر الحجري، ولكن إصرار حزب الله على خوض معركة لبنان الاقتصادية، مهما كلف الثمن، دفع ببعض المسؤولين الإسرائيليين إلى عدم التأكد من استخراج الغاز في الموعد المحدد، قبل التوصل إلى اتفاق مع لبنان.
تأجيل موعد استخراج الغاز من حقل "كاريش"، أو التوصل لاتفاق بين الطرفين تحت التهديد بالحرب، يعد نصراً كبيراً للأمة العربية كلها، فيما لو تحقق، وهذا النصر سيرفع من أسهم المقاومة عموما في المنطقة العربية، وسيبعث الأمل في نفوس الشعب اللبناني، بأن القوة، ومزيداً من القوة هي اللغة التي تفهمها إسرائيل.
انتصار لبنان في معركة حقول الغاز، إذا تحقق، يعد رسالة ميدانية إلى الشعب الفلسطيني، بأن طريقكم إلى حقول غازكم هي الطريق نفسها التي سار عليها حزب الله، أما إذا نشبت الحرب بين لبنان والعدو الصهيوني، فالشعب الفلسطيني في قلب المعركة، وليس بمنأى عن نتائجها، ولا هو بعيد عن ساحاتها، فالحروب العادلة تفك العقد، وترسم في الآفاق قوس قزح، وبحر غزة يعانق بحر لبنان، بلا حصار، وبلا معابر مغلقة، وأمامنا شهر من الزمان لنصل إلى سبتمبر أيلول، الشهر الذي شهد مجازر صبرا وشاتيلا، والشهر الذي شهد اتفاقية أوسلو.