تعقد منظمة التعاون الإسلامي اليوم الثلاثاء اجتماعًا طارئًا للجنة التنفيذية على مستوى وزراء الخارجية بالدول الأعضاء في المنظمة، للبحث في الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، وذلك في مدينة إسطنبول التركية، سيناقش المجتمعون آخر التطورات الحاصلة في القدس، وكيفية منع الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى، والحيلولة دون الإجراءات التعسفية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي هناك.
من المتوقع أن يحضر الاجتماع قرابة 57 وزيرًا للخارجية، ولكن السؤال: كم من تلك الدول تحركت في أثناء الأزمة؟، وما الذي قدمته للأقصى وأهل القدس والفلسطينيين في الضفة الغربية؟، بضع دول عددها لا يتعدى أصابع اليد الواحدة شاركت بتصريحات خجولة، وتهديدات لا حظ لها في الواقع العربي، فما الذي نتوقعه الآن بعد أن حقق المقدسيون وأهلنا في الضفة الغربية ومناطق الـ48 نصرًا على العدو الإسرائيلي، دون مشاركة تذكر من جانب الدول العربية والإسلامية؟
باعتقادي أن البرنامج المعلن من جانب منظمة التعاون الإسلامي ما هو إلا لذر الرماد في العيون، أما غير المعلن فأخشى أن يكون أخطر تحرك سياسي تقوم به الدول الإسلامية، وهو تبني "المبادرة العربية للسلام" رسميًّا؛ فإننا تعودنا أن كل انتصار تحققه الشعوب العربية وربما الجيوش العربية يتلوه تنازلات خطيرة لمصلحة العدو الإسرائيلي، فبعد انتصار أكتوبر حظي الكيان العبري باعتراف أكبر دولة عربية به، وبعد انتصار غزة حصل أكبر تحالف إسرائيلي عربي في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، ولذلك أتوقع أن تقدم منظمة التعاون الإسلامي هدية مجانية للمحتل الإسرائيلي، وطوق نجاة لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وكذلك أتوقع أن تدعو الدول الإسلامية المسلمين لزيارة القدس، مقدمةً لعملية تطبيع واسعة مع الاحتلال الإسرائيلي.
أتمنى أن تخيب توقعاتي في اجتماع الدول الإسلامية، ولكن إن حصل ذلك فعليهم أن يدركوا أن شعوبهم قبل الشعب الفلسطيني ترفض التطبيع مع المحتل، وكذلك ترفض عمليات التسوية المذلة، ولن ترضى بسوى تحرير فلسطين والمسجد الأقصى، ولنا في الشعبين الأردني والمصري مثال حي على ما نقوله، ولكن من جانب آخر نرجو من تلك الدول أن تضع على سلم أولوياتها دعم صمود أهلنا في فلسطين بوجه عام والمقدسيين على وجه الخصوص، وكذلك التصدي عمليًّا وبفاعلية لجرائم التهجير والتهويد التي يرتكبها الاحتلال في بيت المقدس، ونرجو منهم كذلك ألا يغفلوا عن مأساة مليوني مسلم محاصرين منذ 11 عامًا في غزة، ولا يجدون من يرفع عنهم الحصار، ويواجهون حرب إبادة منظمة.
وباختصار: نحن ننتظر من دول منظمة التعاون أن يتعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى ونصرة الفلسطينيين أينما كانوا، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان والتطبيع والاستسلام للمحتل الإسرائيلي.