فلسطين أون لاين

متى يحترمون الحرية الشخصية؟!

حين غنت ( فال ديان) المغنية الإسرائيلية في حفل استقبال الرئيس بايدن، ومدّالرئيس يده لكي يصافحها امتنعت المغنية لأسباب دينية، فهي تعتقد خطأ ملامسة المرأة للرجل بشكل مباشر، مع أن بايدن يعدّ من قواعد الرجل الذين لا يثيرون شهوة إن صح هذا التعبير. المغنية التزمت بما تعتقد، وبايدن تقبل ذلك باحترام، والصحافة الإسرائيلية لم تشجب سلوك المغنية، ولم تحرجها بكلمة واحدة، لأنه ثمة حرية شخصيه لديهم تحظى باحترام المجتمع.

في مملكة البحرين التي يدين شعبها بالإسلام الذي يحظر على النساء مصافحة الرجال، امتنعت الشيخة ( مي بنت محمد آل خليفة) رئيسة هيئة البحرين للتراث والثقافة من مصافحة السفير الإسرائيلي في البحرين في لقاء بيت عزاء للسفير الأميركي. الشيخة مي من العائلة الحاكمة في البحرين، وكانت وزيرة الثقافة والإعلام بين عام ٢٠٠٨م و٢٠١٠م، وهي رئيسة مجلس الأمناء في مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، أي هي شخصية مرموقة، وباحثة ومثقفة وعلى علم جيد بسياسة المملكة، كما أنها على علم جيد(  بإسرائيل) والصهيونية، وحين امتنعت عن مصافحة السفير تملك من الأسباب الدينية والوطنية والقومية ما يكفي لتبرير تصرفها، لذا هي قدمت حريتها الشخصية وقناعاتها على المداهنة والنفاق، وآثرت أن تعبر عن نفسها بأدب دون إزعاج أو نفاق.

كان يمكن لحدث مثل هذا حدث في صالة مغلقة، وفي بيت عزاء، أن يمرّ بدون أن يلتفت إليه أحد، غير أن ملك البحرين أبى ذلك، وأقال مي بنت محمد آل خليفة من منصبها، والحدث لا يقتضي الإقالة، وهو حدث يتكرر كثيرا في العالم، والمغنية الإسرائيلية فال ديان واحدة من هذه الاحداث ومع بايدن رئيس الدولة الأكبر في العالم، والذي تنغذى دولة الاحتلال من رحمها؟!.

لست أدري لماذا تصرف ملك البحرين هذا التصرف؟! والسيدة المقالة من العائلة المالكة، ولها من يؤيد تصرفها داخل البحرين وخارجه، والمملكة لا تستفيد شيئا من إقالتها، ولن تحظى بشكر من حكومة الاحتلال، فمسألة السلام من عدمه لا تعني عندهم في السياسة شيئا؟! لقد آثار تصرف قيادة البحرين مشاعر كثيرين هم ضد الإقالة بهذا السبب المذكور، وهم يتعاطفون مع مي بنت محمد، التي ردت على رسائل المؤيدين لتصرفها بالشكر قائلة: "وحدها المحبة تقوينا وتحمينا".

قبل أيام اخترق إسرائيليا قواعد النظام والقانون في المملكة، بل وخالف تعاليم الشريعة الإسلامية بتسلله لجبل عرفات في أثناء الحج ووبثه رسالة إعلامية من هناك للقناة (١٣). وهو اختراق يحدث علنا لأول مرة، وهو حدي يثير مشاعر السعوديين والمسلمين في العالم، ومع ذلك لم تتخذ دولته، أو القناة التابع لها أي إجراء عقابي ضده؟! 

السؤال الذي أود ذكره تعقيبا على هذه المشاهد يقول: متى نقف نحن عند مصالحنا؟! ومتى نحترم الحريات الشخصية؟! ومتى تقف القيادات موقف المسئول المنصف، الذي يحترم مشاعر غيره؟! سؤال متى، ومتى، سؤال مؤلم، ولعلنا نجد في الألم طريقا شافيا. كل الاحترام لمي بنت محمد آل خليفة، ونعم للحرية الشخصية المستظلة بدين الإسلام وبالروح العربية القومية.