فلسطين أون لاين

بالصور "تجفيف جلود الأضاحي".. مبادرة شبابية تحولت إلى مشروع دائم

...
أحد الشباب العاملين في مشروع تجفيف جلود الأضاحي
غزة/ هدى الدلو:

أكوام من الجلود مصفوفة بعضها بجانب بعض، يتخللها الملح الذي يعمل على تجفيفها منعًا لتعفنها، لتُصدَّر فيما بعد إلى الضفة الغربية، تحديدًا مدينة الخليل، لاستخدامها في صناعات مختلفة كالأحذية والملابس، والسجاد.

ثلاثة شبان فكروا خارج الصندوق في أثناء سعيهم للحصول على فرصة عمل والخروج من نفق البطالة، وأطلقوا مبادرتهم قبل عامين، القائمة على جمع جلود المواشي التي تنحر في أيام عيد الأضحى وطيلة أيام العام. 

موسم مهم

خلال أيام عيد الأضحى الفائت عمل الشاب يحيى البياع (40 عامًا، أحد القائمين على مبادرة جمع جلود الأضاحي) على تشغيل 120 شابًّا في جمع الجلود وتمليحها، موزعين في مختلف محافظات القطاع، لم يتمكنوا من جمع سوى 20% من الجلود تقدر 4000 قطعة، في حين أُلقي الباقي في القمامة.

IMG_3252.jpg
 

يقول لصحيفة "فلسطين": "هذه المهنة باتت قاب قوسين أو أدنى من الاندثار مع مرور الوقت، وغزو البضائع الصينية والتركية الأسواق الفلسطينية، إضافة إلى أنه لا يوجد مَنْ يقوم بهذه المهمة سوى جهة واحدة لا تغطي كامل القطاع".

يبين البياع الذي قرر مع اثنين من أصدقائه إطلاق المبادرة التي تسهم في تشغيل عدد من الأيدي العاملة؛ أنه حسب إحصائيات وزارة الزراعة قطاع غزة يستهلك 16 ألف رأس من العجول أضاحي خلال العيد. 

ويصف عملية جمع جلود الأضاحي من مختلف مناطق غزة بغير السهلة، لكونها تواجه عقبات تتمثل في عدم تعاون المواطنين والبلديات والمؤسسات، وكذلك أصحاب المسالخ الذين يعمل غالبيتهم على إلقاء الجلد والتخلص منه بوضعه بجانب حاويات القمامة أو في الطرقات، ما يتسبب بضرر صحي للمارة.

ويوضح البياع آلية العمل بالقول: "نشتري الجلود من المذابح والمسالخ من مختلف مناطق غزة بالتواصل والتشبيك معهم مسبقًا، في حين يجمع بعض المواطنين تلك الجلود عبر عرباتهم، ويقودونها إلى مكان التجميع الخاص بنا ويبيعوننا الجلد الواحد الكامل بسعر يراوح من 15 إلى 20 شيكلًا".

ويصمت ثواني ليظهر على ملامحه بعض الاستياء، ويتابع حديثه: "المشكلة أنه بعد تعب الجمع والتمليح والتكاليف المدفوعة الربح ليس مضمونًا، فعلى سبيل المثال العام الماضي أتلفنا ما جمعناه بسبب منع الاحتلال تصديره إلى الخليل بعد معركة سيف القدس".

IMG_3319.jpg
 

ويتطرق البياع إلى عملية تمليح الجلود بعد جمعها: "تفحص ويتحقق من صلاحيتها، ثم تُفرد في أحد "المعرشات" على شكل طبقات بعضها فوق بعض، مع ضمان عدم وصول أشعة الشمس لها حتى لا تتلف، ويُرش على كل قطعة طبقة من الملح الذي يستورد من البحر الميت".

ويلفت النظر إلى أن الجلد الواحد يحتاج إلى 20 كيلوغرامًا من الملح، و20 يومًا على الأقل لإتمام عملية التجفيف.

وينبه إلى أن الطريقة العلمية في "التمليح" هي التي تستخدم في مختلف الدول، فهي مهنة قديمة استعان في تعلمها بأهل الخبرة، حتى تمكن من إتقانها.

عقبات الاحتلال

ويؤكد البياع أهمية الملح في حفظ الجلود من التعفن وظهور الديدان، وأنه يساعد على تجفيفها، "وتستمر الجلود مكدسة بعضها فوق بعضها مدة أربعة أشهر لتصديرها فيما بعد، في ظروف مناخية خاصة للمحافظة عليها أطول مدة ممكنة، فهي تحتاج إلى درجة حرارة منخفضة من 5 إلى 10 درجات، ويُفترض أن تتوافر لها ثلاجات خاصة أو تهوية".

ولا يقتصر عمله على مدة العيد، بل إنه يعمل على مدار العام في جمع جلود ما يذبح من مواشٍ في المسالخ صباحًا، وتمليحها مباشرة، فلو تأخر التلميح أكثر من 3 ساعات تتلف.

وعن التحديات التي تواجههم في التصدير يقول: "أهم عقبة هي تحديد الاحتلال كمية الجلود التي يمكن تصديرها، واشتراط تعليقها داخل أقفاص معدنية مصممة لهذا الغرض، ومنع وضعها بعضها فوق بعض، ما زاد في كلفتها، إذ اضطررنا إلى استئجار أعداد مضاعفة من الشاحنات، وندفع كلفة إعادة شحن الصناديق بعد تفريغها في الضفة".

ومن تلك العقبات -وفقًا لحديث البياع- عدم تعاون بعض المؤسسات الأهلية والدولية والجمعيات حتى البلديات معه، ويأمل أن يجد دعمًا لهذه المبادرة التي من شأنها تشغيل العديد من الشباب العاطلين عن العمل، وتطوير هذه الصناعة التي لها فائدة اقتصادية.

VP3A3328.jpg
 

الظروف الصعبة في القطاع أدت إلى عزوف الكثير عن هذه المهنة الموسمية، لكن البياع يسعى إلى تطويرها رغم منع الاحتلال إدخال المواد بحجة ازدواجية عملها، إذ يقول: "لدينا إصرار على النجاح".

ويسعى البياع ورفاقه في المبادرة خلال المدة القادمة للعمل على إحياء صناعات جديدة في الجلد، كالأحزمة، وسجاد "الأنتيكا" الذي أجرى عليه تجربة وأثبتت نجاحها؛ فقرر توسيع العمل فيها.