فلسطين أون لاين

تقرير احترام مخاوف الأطفال.. الخطوة الأولى لتبديدها

...
احترام مخاوف الأطفال الخطوة الأولى لتبديدها 
غزة/ هدى الدلو:

لا تخلو حياة الطفولة من الشعور بالخوف، والاختفاء تحت الأغطية وخلف الباب، أو وراء الوالدين للاحتماء بهما، وكثيرًا ما يعجز الآباء عن تجاوزها ووضع حدٍّ لها، فكيف يمكن التعامل مع تلك المخاوف؟

طريقة التهدئة

الطفلة ميرا أحمد التي لا تتجاوز سنها ثلاثة أعوام لديها هواجس كبيرة لمجرد ذكر اسم الطبيب أمامها، وتقول والدتها: "تشتكي في بعض الأحيان من آلام في أسنانها وبمجرد أن أخبرها بأنني أريد الذهاب بها إلى الطبيب تتحجج بأنها الأوجاع اختفت".

وتشير إلى أنها لا تعرف سبب مخاوفها من الطبيب رغم أنه لم يسبق لها زيارته، وتتساءل عن الطريقة التي يمكن اتباعها لتهدئتها.

على حين لم تستطِع والدة الطفل مالك "ذي الثمانية أعوام"، السيطرة على مخاوفه وهواجسه يوم عيد الأضحى الفائت لحظة ذبح والده للأضحية، وتقول: "لا تتوقف مشاعر الخوف عند ذلك فقط، فهو يخاف أيضًا من صوت "الفدعوس"، ومن الظلام والوحدة".

وتوضح أنها حاولت التمهيد له بالشرح عن سبب الذبح، ولكونه تطبيقًا للسنة النبوية، وشاهد عدة فيديوهات على "اليوتيوب" لذبح الأضاحي، ولكنه يوم العيد وقف في زاوية الغرفة وبكى دون توقف.

الاختصاصي النفسي والاجتماعي د. إسماعيل أبو ركاب يرى أن المخاوف التي يشعر بها الأطفال ترجع لطبيعة الأحداث التي يعيشونها، وشخصية كل طفل على حدة، وطبيعة أفكاره عن المحيط الاجتماعي والمكاني ومدى الترابط الأسري.

مخاوف متعددة

وبين أن المخاوف التي يعانيها الأطفال متعددة، منها الخوف من الظلام، والغرباء والمجهول، وممَّنْ هم أكبر منهم سنًّا وأقوى منهم، بجانب الخوف من الحيوانات، والمؤثرات الخارجية "وأهمها في مجتمعنا قصف الاحتلال".

ويعزو د. أبو ركاب السبب في خوف الأطفال من الظلام أو الطبيب إلى ظنهم أن هذه الأشياء مُهددِة لحياتهم، وأكبر من طاقتهم على التحمل، ما يترك آثارًا سلبية عنها في تفكيرهم.

ويقول علماء النفس إن الخوف جزء طبيعي وصحي من النمو، وبينما يواجه الأطفال أحيانًا أشياء مخيفة بالفعل، فإن معظم مخاوف الطفولة المتنوعة لا تمثل تهديدًا حقيقيًّا عليهم.

ويشير إلى أن لكل مشكلة لدى الكبار جانبين أحدهما إيجابي محفز والآخر سلبي هدام، "ولكن في أغلب الأحيان مخاوف الأطفال هدامة وخصوصًا أنها تأخذ صفة التعميم، فمثلًا إذا تعرض الطفل للخوف من قطة فإنه سيصبح يخاف من جميع الحيوانات الأليفة، لذلك الجانب الإيجابي للمخاوف عند الأطفال لا يكاد يذكر".

فبعض الناس يستغلون مخاوف الأطفال لدفعهم لتنفيذ أوامرهم وهو سلوك خطأ -وفق د. أبو ركاب- الذي يرى أن بنية الطفل النفسية لا تتحمل الصدمة من نفس الموضوع مرتيْن، ما سيشكل تهديدًا حقيقيًّا يهدد البناء المعرفي وبناء الشخصية ككل لدى الطفل.

وأضاف: "فالأطفال عند ذكر تلك المخاوف لا يميزون بين الواقع والخيال والجد والمزاح، وعليه فتعمُد تخويفهم يحفز الطفل سلبيًّا لمواجهة تلك المخاوف".

ويلفت إلى أنه من دون تخويف خارجي يمكن للأطفال تقبل بعض المخاوف، ونسيان بعضها مع الوقت، ولكن ديمومة وجود تلك المخاوف في حياة الطفل لربما يكون أكبر مسبب في تدهور شخصية الطفل بالكامل لأنها تستنزفه من ناحية التفكير والمشاعر.

ويؤدي ذلك لإصابة الطفل بالقلق من المستقبل والاكتئاب ومشكلات التركيز وعدم تقبل الآخرين، ومشكلات في النمو المعرفي وإدارة الذات واتخاذ القرار والكثير من المشكلات النفسية.

ولمساعدة الطفل على تجاوزها يوضح أبو ركاب أهمية الاستماع الفعال للطفل وتقريبه من الوالدين واحتضانه، ووجود الكبار مع الطفل في الأماكن التي يخاف منها، ومعرفة مسببات تلك المخاوف والحرص على عدم تكرارها، وإعطاء الطفل الفرصة للعب والحركة وإثبات القدرات الشخصية، وجميع تلك الوسائل من الممكن أن يكون لها الأثر الكبير في العلاج.