كشف مسؤول في السفارة الأمريكية في القدس المحتلة أن الرئيس الأمريكي جو بادين رد على رئيس السلطة محمود عباس بعد عرضه المطالب الفلسطينية عليه بقوله: هذه أشياء تحتاج إلى السيد المسيح، صانع المعجزات كي يحققها، ولولا هذا الكشف المتأخر من الجانب الأمريكي عن هذه الإهانة الثقيلة لما أفصح عنها الطرف الفلسطيني وكيف سيواجه الشعب بمثل هذه السخرية الأمريكية من مطالب منظمة التحرير الفلسطينية.
العجوز الأمريكي جو بايدن قال إن الضغط على الجانب الإسرائيلي من أجل تنفيذ مطالب الفلسطينيين يحتاج إلى معجزة سماوية، معترفا بأن (إسرائيل) لا تتجاوب مع الإدارة الأمريكية بهذه البساطة. المشكلة أن المطالب الفلسطينية ذات سقف منخفض جدًّا ومتواضع أكثر من اللازم، فالمطالب لم تتجاوز وقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ومقدساتهم، وفتح قنصلية أمريكية للفلسطينيين في القدس وتهيئة الأجواء لعودة المفاوضات على أساس "حل الدولتين"، وكما نلاحظ فإن غالبيتها مطالب سهلة التنفيذ وخاصة أن فتح القنصلية الأمريكية لا علاقة للإسرائيليين فيه، وكذلك رفع منظمة التحرير عن قائمة "الإرهاب"، أما الجرائم فمن المفروض أن المجتمع الدولي مطالب بالتحرك لإنقاذ الفلسطينيين ومقدساتهم وأراضيهم كما يفعل مع الأوكرانيين وفي مناطق متفرقة في العالم دون استئذان من المجرم، ومتى يستأذن المجرم عند منعه من ارتكاب جرائمه أو حتى إنزال العقوبات في حقه؟
لو طالبنا الإدارة الأمريكية بالضغط على (إسرائيل) للانسحاب من قطاع غزة عندما كان شارون يعدها مثل (تل أبيب)، ماذا سيكون الرد الأمريكي حينها؟ الانسحاب من غزة يفوق كل مطالب منظمة التحرير التي ذكرناها، ودون معجزات بايدن وما يعتقده استطاعت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة طرد الاحتلال بإذن الله، وليس كما يدعي البعض بأن فرار الاحتلال من غزة جاء بعد اتفاقية فلسطينية إسرائيلية التي وقعها دحلان على ظهر آخر دبابة فرت من غزة، وكذلك فإن فرار الاحتلال من غزة لم يكن إعادة انتشار بناء على اتفاقية أوسلو كما يحاول البعض ترويجه، بل هو عملية تحرير وانتصار غير مسبوق للمقاومة الفلسطينية، أما الحصار المستمر فإنه جريمة ولكنها أقل ضررًا من استمرار الاحتلال وسيزول قريبًا إن شاء الله.
إن الرد الأمريكي على مطالب رئيس السلطة ومنظمة التحرير يفسر لنا سبب ارتفاع وتيرة الجرائم الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية، وخاصة فيما يتعلق بالاستيطان وتهويد القدس، وقد يزداد السعار الإسرائيلي في الأيام والأسابيع القادمة، وهنا لا بد من تذكير القيادة الفلسطينية بالكف عن مناشدة المجتمع الدولي لإنقاذها، والكف عن التهديد بتنفيذ قرارات اتخذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير فتلك أدوات غير نافعة، ولا بد من العودة إلى الشعب الفلسطيني والتوافق مع جميع الفصائل للشروع في عملية إنقاذ ذاتية وحقيقية بدلا من إضاعة الوقت وتجريب المجرب وانتظار الحلول من عجوز أمريكا ومعجزاته.