فلسطين أون لاين

تقرير "نور الهدى" فرقة تحيي المناسبات النسائية بأصوات شجية

...
منشدات في فرقة نور الهدى
نابلس/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

شُغفتا بالنشيد الإسلامي منذ حداثة سنهما ومارستاه في الطفولة كثيرًا، لكن "مشاغل الدنيا" وتربية الأبناء مضت بهما بعيدًا عنه لعدة عقود، إلى أن جمعتهما الصدفة وقرّرتا معًا إنشاء فرقة نسائية للنشيد الإسلامي أطلقتا عليها "نور الهدى" فذاع صيتها بالضفة الغربية حتى أصبحت حاضرة في المناسبات السعيدة للكثيرين هناك.

"نور الهدى" بالنسبة للمنشدة زينب أبو غضيب هي عودة للفن الذي عشقته منذ نعومة أظفارها، حيث اكتشفت مُحفّظتها للقرآن في أثناء دراستها في المدرسة عذوبة صوتها فطلبت منها أن تحفظ بعض الأناشيد وأصبحت تصطحبها معها في حفلات المساجد والمناسبات الدينية.

وتبيّن أنها كانت تشارك في حفلات على مستوى مدينة نابلس، ثم أصبحت تتنقل لاحقًا برفقة الواعظات بدعمٍ من شقيقتها الواعظة، ووالدها -رحمه الله- (أحد مؤسسي الحركة الإسلامية في نابلس) الذي كان متفهمًا وداعمًا حيث كان يتمتع بصوت شجي ويدربها على الإنشاد أيضًا.

ورغم أنّ الفكرة كانت حديثة في حينها، لكن دعم الأهل ساعدها في تجاوز نظرات المجتمع، لتصبح لاحقًا المنشدة الأساسية في حفلات جامعة النجاح الوطنية إذ كانوا ينتظرون بعد عودتها من المدرسة لتنشد لهم، ثم انضمت لفرقة "الأنصاريات" الإنشادية في مدينة قلقيلية وثّقت خلالها بصوتها عددًا كبيرًا من الأناشيد ضمن "شريط كاسيت".

ثم مرّت بفترات صعبة جدًّا في حياتها تخللها الزواج لمرتين وانفصال ومرض أمها فكانت تعتني بها، بجانب تربية أبنائها الستة، ما جعل من المستحيل الجمع بين الأمرين.

عودة بالمديح 

وبعد أن كبر أبناؤها، فإذ بإحدى الواعظات تعرض عليها العودة للنشيد وهو الأمر الذي لم تتشجع عليه إطلاقاً لكونها نسيت جميع ما حفظته، "لكن شيئاً فشيئاً عدت لممارسة النشيد برفقتها، وكسرتُ الرهبة بيني وبين الجمهور، ثم قررتُ أن أشكل في عام 2017م فرقة أنا وصديقتي زهرة قطناني أطلقنا عليها اسم "نور الهدى".

وبسرعة لم تتخيلها أبو غضيب ذاع صيت الفرقة، وأصبحت تنهال عليها الحجوزات حيث أنها لم تكن كبقية فرقة المديح تقتصر على أناشيد مدح الرسول بل تختار أناشيد لكل المناسبات كالتخرج من الجامعات وحفلات تحرر الأسرى والمواليد والحج وغيرها.

وحالياً تحيي الفرقة قرابة الثلاث حفلات يومياً وتتنقل في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلة، ولا يربك عملها سوى حواجز الاحتلال الإسرائيلي التي تأخذ منهم وقتًا طويلًا في التنقل؛ ما يربك جدول حفلاتهم.

وتقول: إنّ "انتشار الوعي الديني ورغبة الكثيرين بالبعد عن الحفلات الماجنة بجانب أسعار الفرقة الرمزية بالنسبة لمغني الحفلات الماجنة، سبب كبير لإقبال الناس عليها".

ولا يختلف الأمر كثيرًا عند زميلتها زهرة قطناني التي كانت تمارس الإنشاد في أثناء دراستها بالمدارس في ثمانينات القرن الماضي على يد إحدى الواعظات "جودة عاشور"، ثم انقطعت عنه بعد زواجها وانغماسها بشؤون أسرتها.

ظلّت قطناني تحيي حفلات لمعارفها وفي المساجد على نطاق ضيق إلى أن قررت هي وأبو غضيب إنشاء الفرقة والعمل بشكل رسمي في محيط نابلس وخارجها.

حفلات وعظية

ولا يقتصر عمل قطناني على الإنشاد فقط بل إنها تلقي دروساً وعظية للموجودين في الحفلات عن المواضيع التي تجدها مهمة لبيئتهم، كما أنها تدمج بين الإنشاد والعمل الخيري لكونها مؤسِّسة لإحدى الجمعيات الخيرية.

تقول: "فخلال عملنا خاصة في المخيمات نتلمّس حال الأسر المعوزة ونوفر لهم مساعدات مادية كما أقوم بالتشبيك مع الأثرياء لدعم عمل الجمعية".

وتهتم قطناني بحفلات تحرر الأسرى خصوصًا كونها اكتوت بنيران الأسر مرارًا، "لدي ستة أبناء من الذكور، يتناوب الاحتلال على اعتقالهم، فحاليًّا يوجد اثنان منهما داخل سجونه".

وتضيف: "أعاني المداهمة المستمرة لمنزلي وتكسيره وتخريبه واقتياد أبنائي للسجون، أُحدِّث الناس عن الصبر والتضحية ويجدونني نموذجًا ملهمًا في الصبر والقوة".

وأكثر ما يبهج قطناني هو أن تذهب لحفلٍ فتجد أن الأطفال الصغار يعرفونها ويُردّدون الأناشيد التي تشدو بها، ويطلبون منها أناشيد بعينها، "فمهمتنا صياغة الوعي وإبعاد الأجيال الجديدة عن الفن الهابط".

وتشير إلى أنها وزميلتها عادةً ما يبدأن أيّ حفل بتلاوة القرآن الكريم، ثم مواويل المديح للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ثم ينتقلن لترديد أناشيد الفرح حسب المناسبة التي يُحيِينها.

وتحرص المنشدتان على إعطاء موعظة دينية خلال الحفل، وتذكير الحاضرات بالصلاة على النبي وترديد بعض التسابيح والأذكار، وتنهي زينب وزهرة حفلهما الذي يستمر لساعتين متواصلتين، بأنشودة مدح لنساء العائلة المستضيفة، بترديد أسمائهن واحدة تلو أخرى، وسط أجواء من الفرح والضحك والزغاريد والتصفيق.