فلسطين أون لاين

مفاوضات لتغطية التطبيع

كل المراقبين خرجوا بنتيجة واحدة بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى مناطق السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال، هي أن أمريكا غير معنية على الإطلاق بأي حل سياسي على أساس اتفاقية أوسلو، وقيل إن الملف الفلسطيني ظل مغلقًا، ولكن المفاجأة كانت عندما توجه الرئيس الأمريكي إلى المملكة العربية السعودية، وإذا قادة الدول العربية يؤكدون ضرورة تحريك الملف الفلسطيني، وعودة المفاوضات، وإعادة النظر في الاستيطان الإسرائيلي والاعتداءات المتكررة على القدس، ولا شك كالعادة دون أي ذكر للحصار الإسرائيلي العربي لقطاع غزة.

المملكة العربية السعودية أكدت أنها ما زالت ملتزمة بالمبادرة العربية للسلام، وأنها ترفض كل أشكال التطبيع مع العدو الإسرائيلي قبل الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، ولكن تلك التصريحات يكذبها الواقع، إذ سمح للرئيس الأمريكي بالطيران مباشرة من دولة الاحتلال إلى السعودية، ثم وافقت السعودية على فتح أجوائها للطيران الإسرائيلي، مسؤول سعودي يقول إن هذا لا علاقة له بالتطبيع، ونحن نرى أنه تطبيع وخطوة ضرورية للمزيد من أشكال التطبيع، والأمر لا يقتصر على مسألة الطيران؛ فهناك لقاءات مكثفة بين مسؤولين من المملكة العربية السعودية ودولة الاحتلال (إسرائيل)، وقد قطعوا في ذلك أشواطًا كثيرة لا يجدي معها نفي التطبيع بتصريحات شبيهة بتصريحات دولة الإمارات، التي بدأ تطبيعها العلني مع  وصول طائرة إماراتية تحمل مساعدات للشعب الفلسطيني إلى مطار (بن غورين)، وانتهت ببناء حائط مبكى للإسرائيليين في الإمارات، وذهبوا إلى أبعد من ذلك بكثير إذ اخترعوا لأنفسهم دينًا جديدًا.

دول عربية كثيرة مقبلة على عملية تطبيع واسعة مع الاحتلال الإسرائيلي، ولذلك تبحث تلك الدول عن غطاء فلسطيني يستر ما أمكن من عورتهم، لا شك غالبية تلك الدول لا تريد إقامة دولة فلسطينية بل تحارب من أجل منع إقامتها، ولكنها تريد مفاوضات فلسطينية إسرائيلية كاذبة واهية، لتغطي على المفاوضات واللقاءات التطبيعية العربية الإسرائيلية الجادة والمنتجة لمصلحة دولة الاحتلال (إسرائيل)، وأعتقد أن الدول العربية سوف تنجح في إقناع (إسرائيل) بالعودة إلى طاولة المفاوضات مع السلطة الفلسطينية من أجل تمرير المؤامرة، ولكنها مفاوضات أكثر عبيثة من التي سبقتها، ولن تكون قضاياها الرئيسة القدس واللاجئين والمستوطنات ورفع الحصار عن قطاع غزة، بل ستكون أشياء تافهة على غرار الجيل الرابع للشبكات الخلوية ولم الشمل -وليس عودة اللاجئين- ودعم  السلطة الفلسطينية ماليًّا، وما إلى ذلك من مسائل لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية.