فلسطين أون لاين

تقرير في "كركور".. العراء سبيل عائلة "أبو ظاهر" للعيش

...
بيوت مهدمة في قرية كركور بالنقب المحتل
النقب المحتل/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

وجد نفسه في العراء فجأة بعد أنْ هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي ثمانية منازل له ولأبنائه دون سابق إنذار، ساعة واحدة فقط منحتها تلك القوات للمواطن أمير أبو ظاهر لإخلاء ما خفَّ حمله، فصار أهل بيته يجرون دون وعي يحاولون إخلاء بعض الممتلكات في حالة من الهستيريا الشديدة، فلا ذنب لعائلة أبو ظاهر ارتكبوه سوى أنهم يسكنون في قرية "كركور" في النقب المحتل غير المعترف بها إسرائيليًّا.

غدر الاحتلال

ولا يُخيل إليك عزيزي القارئ أن البيوت التي تمتلكها عائلة أبو ظاهر هي بيوتٌ بمعنى الكلمة، بل هي مجرد خيام و"بيوت شعر" تستر أبو ظاهر وعائلته من العراء، لكن الاحتلال الإسرائيلي استكثرها عليهم، وباغتهم بهدمها رغم أن القضية لم يُبت فيها قضائيًّا بعد!

وكغيرها من قرى النقب التي يريد الاحتلال تهجيرها فإن "كركور" لا يوجد بها أي نوعٍ من الخدمات، ولكن تلك الحياة البائسة لم تكن أبدًا تشغل بال أهالي القرية، "نحن لا نريد منهم شيئًا، يمكننا أن نتأقلم على الحياة دون أي مقومات لكننا نريد فقط بقاءنا في بيوتنا وأرضنا التي نسكنها منذ خمسين عامًا"، يقول أبو ظاهر.

ويرى أبو ظاهر أن قوات الاحتلال بـ"غدرها" به تريد أن تجعله "عبرة" لبقية أهالي القرية لدفعهم لترك أراضيهم والخروج منها، "فلم أتوقع أبدًا أن يهدموا المنزل ونحن ما زلنا في مرحلة التقاضي، فقبيل الهدم فقط بيومين "يوم الاثنين الماضي "كانت لنا جلسة محاكمة ولم يتم البت في القضية".

لكن قوات الاحتلال فاجأت أبو ظاهر وعائلته بدهم بيت عائلته في الساعة السابعة صباحًا من يوم الخميس الماضي، "لم يتركوا فرصة لنا للتفاهم أو حتى استيعاب الحدث، أيقظونا من نومنا مفزوعين، ومنحونا ساعة فقط لنخلي أغراضنا، بالكاد جمعنا بعضًا مما خف حمله، ليهدموا البيوت ويقلبوها رأسًا على عقب بكل ما فيها من محتويات بخسارة تُقدر بمئة ألف شيقل".

وجدت عائلة أبو ظاهر نفسها في العراء دون مأوى يسترها، لولا استضافة أحد الجيران لها، فعادوا لبناء خيمة فوق مكان بيتهم، لكنهم فوجئوا بقوات الاحتلال أمس (الاثنين) تطلب منهم إخلاءها وهدمها وتخبرهم بأنه ممنوع عليهم إعادة البناء في الأرض مجددًا بحجة أنها "أراضٍ تابعة لدولة (إسرائيل)"!

فمنذ عقود من الزمن وقوات الاحتلال تحاول تهجير أهالي قرية "كركور"، ورغم كل الحرمان من أساسيات الحياة والمضايقات التي تعرضوا لها إلا أنهم متشبثون بأرضهم، وهذا ما دفع الاحتلال لاتخاذ خطوات تهجير عملية بدأها بعائلة أبو ظاهر "تسعة أفراد" لكنها لن تتوقف عنده، وفق ما يرى رب العائلة.

ورغم إعادة الاحتلال لـ"أبو ظاهر" لنقطة الصفر وحرمانه كل ممتلكاته إلا أنه مصمم على التشبث بأرضه التي لا يعرف لها بديلًا منذ أن هاجرت إليها عائلته بعد النكبة الفلسطينية عام 48م من بلدة "حورة" المهجرة.

وما يحدث في "كركور" ليس منفصلًا عما تعانيه قرى ومناطق كثيرة في النقب المحتل تمارس ضدها (إسرائيل) كل أنواع الظلم والإرهاب لدفعهم لترك أراضيهم لكي تستولي عليها، وتُسكن فيها مستوطنين يهود، كما يوضح سليمان العتايقة.

ويضيف: "لم يعد يفكر أهل "كركور" في مستقبل أولادهم بل إنهم يتمنون فقط أن يبقى الحال على ما هو عليه وألا يتم تهجيرهم، فهم لا يستطيعون البناء أو توسعة أي منزل، ويعيشون بلا كهرباء ولا مياه ولا كهرباء ولا طرق معبدة أو أي نوع من الخدمات".

وتقع قرية "كركور" على الطريق بين مدينتي رهط وبئر السبع ويبلغ عدد سكانها حوالي 800 نسمة، ومساحتها 6.5 مليون كيلومتر مربع، وقد هُجّرت أغلب العائلات الموجودة إليها بعد نكبة فلسطين عام 48م، وبجانبها معسكر لجيش الاحتلال.

ويبين العتايقة أن أهالي "كركور" محرومون من الرعي والتحرك في أراضيهم التي يرعى فيها المستوطنون الموجودون في مزارع استيطانية قريبة من القرية مواشيهم.

ويتعرض أهالي القرية لهدم بيوتهم بين الحين والآخر ويُضطرون للسكن في العراء، فيما لا تنصفهم أي محكمة إسرائيلية بما فيها "محكمة العدل العليا" وهم في ذلك حالهم كحال أي شخص من فلسطينيي الـ48م، يؤكد العتايقة.

ويتابع: "تمارس سلطات الاحتلال بحقهم سياسة "الانتقام" وتحاول كسر شوكتهم ودفعهم للرحيل عن أرضهم والقبول بالمخططات الاستيطانية التي تريد (إسرائيل) تنفيذها في النقب المحتل".