"عين الشمس لا تغطى بغربال، والحقيقة لا يطمسها كذب زعماء وملوك الدول العربية"، بذلك علق مقدسيون على محاولة بعض الزعماء العرب سرقة انتصار القدس من يد أصحاب البيت، بنسبه إلى جهودهم الدبلوماسية.
وفي سابقة غير معهودة تبارى أكثر من زعيم عربي إلى نسب رضوخ سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس إلى الجهد الدبلوماسي الذي بذلته بلاده، ودفع الاحتلال لإعادة الأوضاع في المدينة المقدسة إلى ما كانت عليه قبل 14 يوليو تموز/ الجاري، الأمر الذي قوبل بالسخرية تارة والاستنكار تارة أخرى.
وأزالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الخميس الماضي، الممرات والجسور الحديدية من ساحة باب الأسباط قرب المسجد الأقصى المبارك، والتي نصبتها بهدف تعليق كاميرات ذكية عليها، بعد سلسلة من الاحتجاجات والمواجهات الشعبية خاضها أهالي القدس.
ويقول عصام الشلودي، وهو أحد المرابطين في القدس: "عين الشمس لا تغطي بغربال، فأطفال القدس يعلمون أن المرابطين وأهل المدينة المقدسة ومعهم أحرار وشرفاء العالم هم من أعادوا الأوضاع في القدس إلى ما كانت عليه في السابق".
وأخذ الشلودي، يكرر كلمات الحمد والثناء على الله عز وجل بأن من على المقدسيين ومكن المرابطين من إجبار الاحتلال الإسرائيلي على إزالة كاميرات المراقبة والجسور والممرات الحديثة التي وضعتها في الطريق المؤدية إلى باب الأسباط.
ويقول لصحيفة "فلسطين": إن قوات الاحتلال اعتقلته، في 20 من تموز/ يوليو الجاري بعد الاعتداء عليه، هو وعدد من المصلين المعتصمين عند باب الأسباط، واقتادته لمركز توقيف "المسكوبية"، ومن ثم حولته إلى المحكمة الإسرائيلية موجهة له تهم الاعتداء على جنود الاحتلال، وقد نفى تلك الاتهامات بالأدلة ليطلق سراحه بعد أيام من اعتقاله بشرط الإبعاد عن القدس لمدة 60 يومًا ودفع غرامة مالية قدرها خمسة آلاف شيكل، الأمر الذي رفضه ليعود إلى مسقط رأسه في القدس مرفوع الرأس.
ويقول نور الحرباوي، وهو أحد المرابطين في المسجد الأقصى المبارك: "النصر ما كان ليكون لولا صمود وإرادة المقدسيين وتحديهم لترسانة الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته العنصرية".
ويضيف الحرباوي لصحيفة "فلسطين": "المحنة التي مرت على القدس وبيت المقدس كشفت وعرت من تآمر على الأقصى ومن وقف إلى جانبها ودعمها".
وتابع: "الأنظمة العربية مكشوفة وتعرت أمام شعوب العالم، فعدد منها تآمر على القدس والأقصى وفرطت به ولم تكن إلا معول هدمه".
ومضى يقول: "إذا لم تقف الأنظمة العربية إلى جانبنا، فأتمنى ألا تطعننا من الخلف وتعطي الاحتلال الضوء الأخضر لممارسة جرائمه وإحكام قبضته على القدس والأقصى".
ورابط الآلاف من المقدسيين لنحو أسبوعين على التوالي أمام أبواب المسجد الأقصى رفضًا لدخوله عبر البوابات الإلكترونية التي عدوها محاولة للسيطرة على ثاني المسجدين، وخطوة على طريق تقسيمه زمانياً ومكانياً، وقوبلت تلك الاعتصامات السلمية بعمليات قمع عسكري فشل في ثني المقدسيين عن مواقفهم.
حراك فلسطيني
من جهته، يقول المختص في شؤون القدس، المحامي خالد زبارقة: "تابعنا تصريحات الزعماء العرب منذ بداية الأحداث في المدينة المقدسة حتى نهايتها، وما لمسناه هو تفهم الأنظمة العربية للإجراءات التهويدية من نصب للكاميرات والبوابات الإلكترونية".
ويضيف زبارقة وهو وأحد المرابطين في المسجد الأقصى: "ما أقلقنا هو تبني بعض الأنظمة الرواية الإسرائيلية وإجراءاتها والادعاء بأن تلك الأنظمة وضعت من أجل توفير الحماية والسلامة للمصلين، متناسية أن الغرض من ورائها تهويد المسجد".
واستغرب الزبارقة، في حديث لصحيفة "فلسطين" من تصريحات بعض زعماء الدول العربية التي نسبت الإنجاز لها بإعادة الأوضاع في القدس إلى ما كانت عليه متناسية دور المقدسيين ورباطهم على البوابات المقدسة.
ويشدد على أن من أعاد الأوضاع في القدس إلى ما كانت عليه قبل 14 تموز/ يوليو، وحقق انتصارات إضافية فوق ذلك هو "الحراك الفلسطيني المقدسي العربي".
ويؤكد الزبارقة أن ما حققه المقدسيون "مرحلة مهمة" على طريق حماية القدس والأقصى، وذلك لا يزيل الخطر عنهما، محذرًا من خطورة الاحتلال الإسرائيلي وتواجده في المدينة.
وكانت قوات الاحتلال أغلقت المسجد الأقصى ثلاثة أيام في وجه المصلين ومنعت رفع الأذان وإقامة الصلاة فيه، وفتشت جميع أركانه بزعم تنفيذ عملية فدائية في محيطه، ثم أعادت فتحته جزئياً بعد تثبيت بوابات إلكترونية على بواباته، وقوبل ذلك بغضب مقدسي كبير، ثم ما لبث أن أزالها الاحتلال تحت الضغط الشعبي.