فلسطين أون لاين

تقرير آمال السلطة على رؤساء أمريكا.. تاريخٌ من المراهنات الفاشلة

...
رئيس السلطة محمود عباس ( أرشيف)
رام الله-غزة/ محمد أبو شحمة:

على مدار سنوات طويلة راهنت السلطة وقيادتها برام الله على رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير للحصول على أيّ إنجاز بشأن القضية الفلسطينية من خلال المفاوضات، أو عبر الرؤى التي كان يطرحها هؤلاء.

ولم تأخذ السلطة وقيادتها من رؤساء أمريكا إلا الخيبات والفشل الذريع، خاصة بعد كل جولة مفاوضات ترعاها واشنطن، بدءًا من دعوة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب في التسعينيات السلطة وقادة الاحتلال للتفاوض في العاصمة الإسبانية مدريد، إلى جولة الرئيس جو بايدن الذي حطّ في فلسطين المحتلة لدعم الاحتلال والحفاظ على أمنه.

وعقب دعوة بوش، وقدوم الرئيس بيل كلينتون الذي رعى اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، لم يلتزم الاحتلال أو واشنطن بالاتفاق، وهو ما ساهم في تراجع القضية الفلسطينية بشكل كبير.

وبعد انتهاء فترة رئاسة كلينتون، جاء جورج بوش الابن بين عامي (2001-2009)، واختزل القضية الفلسطينية بمفاوضات مع السلطة حول قضايا أمنية، وجدار الفصل العنصري، ورغم ذلك تعاملت معه السلطة وعقدت الآمال الكبيرة عليه.

وبين عامي (2008-2017) جاء الرئيس باراك أوباما، الذي كان متحمسًا لإحياء المفاوضات بين السلطة والاحتلال، ولم يحقق أيّ شيء للقضية الفلسطينية، وذهبت آمال السلطة أدراج الرياح.

وفي عام 2017، تولّى دونالد ترامب منصب الرئيس، وعرض ما يسمى "صفقة القرن" التصفوية، ورغم رفض السلطة لها في الظاهر إلا أنها كانت تجري مفاوضات مع قادة الاستخبارات الأمريكية.

ومع سقوط ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وأسفرت عن فوز بايدن، راهنت السلطة بشكل كبير عليه، وأوقفت ملف المصالحة الوطنية، لكنه لم يقدم لها أي إنجاز أو بصيص أمل.

فشل ذريع

الكاتب والمحلل السياسي أحمد المغربي قال: إنّ السلطة راهنت طويلًا وعلقت آمالًا كبيرة على الدور الأمريكي في وضع حلٍّ عادلٍ للقضية الفلسطينية، كراعٍ وحيد للمفاوضات مع الاحتلال، إلا أنّ الإدارات الأمريكية المتعاقبة لم تقدم شيئًا للسلطة، حيث لم تمارس تلك الإدارات أيّ ضغوطات فاعلة على الاحتلال.

وأكد المغربي في حديث لصحيفة "فلسطين" أنّ الانحياز الأمريكي للاحتلال ازداد بشكل أكبر ووصل ذروته في عهد إدارة ترامب، عندما أصدر قرارًا بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة مزعومة للاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها، وهو الشيء الذي لم يقدم عليه أيّ رئيس أمريكي سابق.

ولفت إلى أنّ الاحتلال يواصل سياسة المراوغة والمماطلة، وعدم الاستعداد لتقديم أيّ تنازلات في ظل ضعف السلطة واعتمادها الكلي على المفاوضات ومحاربة المقاومة بكل أشكالها، وكذلك الانحياز الأمريكي الواضح للمحتل.

وأشار إلى أنه طوال الفترة الماضية كان الرهان على الدور الأمريكي فاشلًا، سواء أكان جمهوريًّا أم ديموقراطيًّا، حيث كان دورهما معاديًا للشعب الفلسطيني، ومتنكرًا لحقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال، ومنحازًا بالكامل للاحتلال، مردفًا أنّ الإدارات الأمريكية ساهمت في دعم دولة الاحتلال عسكريًّا واقتصاديًّا، وتبنّي خطابها السياسي، وحصرت القضية الفلسطينية في تحسين الأوضاع المعيشية أمام خطوات إسرائيلية متسارعة على الأرض تتمثل في زيادة الاستيطان وتهويد القدس.

ورأى الباحث والكاتب السياسي ربيع أبو حطب أنّ السلطة دخلت في مرحلة "استسلام تصفوي"، حيث كانت البداية الاعتراف بالاحتلال ثم تعديل الميثاق وشطب الكفاح المسلح للدخول إلى مفاوضات.

واعتبر أبو حطب لـ"فلسطين" الرهان والمخرجات لزيارة بايدن لن تكون أفضل حالًا من سابقه، بل قد يكون هو الأسوأ، فملف الصراع العربي الإسرائيلي الحاضر الغائب في أجندته، لافتًا إلى أنّ الإدارة الأمريكية ليس لديها أيّ خطة للحل والتسوية وليس لديها رغبة في ذلك، وأنّ رهانات السلطة قديمة جديدة، لم ولن تكون بحجم تطلُّعات الشعب الفلسطيني وقضية العرب الأولى.

ونوّه إلى أنّ بايدن لن يمنح قيادة السلطة أيّ بعد سياسي خلال الزيارة الحالية، حيث إنّ زيارته إلى بيت لحم ذات بُعد ديني، وفق تقديره.

آمال وأوهام

وقال الكاتب والباحث السياسي سامي الشاعر: إنّ السلطة لديها إصرار في الذهاب وراء الأوهام وتعليق الآمال على زيارة بايدن لطرح حلول سياسية للقضية الفلسطينية.

واعتبر الشاعر لـ"فلسطين" أنّ زيارة بايدن واضحة الأهداف؛ وهي تحقيق أمن الاحتلال، وتأسيس فكرة "ناتو عربي" تكون قوة الاحتلال الفاعل الرئيس فيه، ما يعني دمج الأخير في المنطقة وجعل وجوده أمرًا متقبّلًا.

وأكد أنه على مدار توالي الإدارات الأمريكية لم تجنِ السلطة منها إلا السراب، فكلينتون ورط فتح في اتفاق "أوسلو"، وفتح بدورها ورّطت الحالة الوطنية في عملية سراب أسمتها عملية سلام مع الاحتلال دون تحقيق نتيجة واضحة سوى سلطة غارقة في الديون، وتعتاش من المنح الخارجية المشروطة.