فلسطين أون لاين

​القدس.. لوحة انتصار بريشة أهلها!

...
القدس المحتلة / غزة - أدهم الشريف

تلاحقت أنفاس فتاة مقدسية وهي تحاول النجاة من هراوات جنود الاحتلال الذي لاحقوا المصلين والمرابطين في محيط المسجد الأقصى، والذين تجمعوا رفضًا لإجراءات جديدة حاولت حكومة الاحتلال فرضها في المسجد المبارك ومحيطه.

على مقربة منها، كان شاب فلسطيني يتصدى لمجموعة من جنود الاحتلال المدججين بالأسلحة في الوقت الذي كان فيه آلاف المقدسيين يهتفون "جنة جنة جنة.. فلسطين يا وطنا" قرب أبواب المسجد؛ حيث حالت "البوابات الإلكترونية _قبل إزالتها_ دون الوصول للمسجد للصلاة فيه.

في غضون ذلك، كانت مركبات الإسعاف تنقل جرحى غرقوا بدمائهم إثر إصابتهم برصاص الاحتلال الذي استخدم أسلحة متنوعة لقمع المقدسيين.

هذه المشاهد سيطرت على أجواء المدينة المقدسة طوال أسبوعين كاملين بالتزامن مع ردود فعل محلية وعربية ودولية مناوئة للاحتلال وقراراته الجديدة، قبل أن يقرر الأخير التراجع عنها.

وانتفض المقدسيون في 14 يوليو/ تموز الجاري، عقب إغلاق الاحتلال المسجد الأقصى للمرة الأولى منذ عام 1967، بعد مقتل اثنين من جنوده في عملية إطلاق نار نفذها الثلاثي محمد جبارين، من مدينة الفحم داخل الأراضي المحتلة سنة 1948.

وأزال الاحتلال بواباته الإلكترونية ونزع كاميراته الذكية مجبرًا على ذلك بعد انتفاضة المقدسيين واتساع رقعة الأحداث الميدانية في الأراضي الفلسطينية.

ولم يُمنع المقدسي راسم عبيدات (58 عاما) من دخول الأقصى طوال حياته من قبل الاحتلال، إلا أنه رفض هذه المرة دخول المسجد بقرار ذاتي إثر وضع البوابات الإلكترونية.

يقول عبيدات لـ"فلسطين": "عدونا (الاحتلال الإسرائيلي) متغطرس وعنجهي يريد أن يفرض سيادته على الأقصى".

لكن يوم دخول الأقصى بعد أسبوعين من المواجهات والصلاة على أبواب المسجد وإغلاق مداخل ومخارج البلدة القديمة بالحواجز، يرى عبيدات أنه "محطة مفصلية في تاريخ الفلسطينيين تحقق فيها النصر بامتياز للمقدسيين".

"صنع المقدسيون لوحة انتصارهم على الاحتلال؛ فكانت فرحة الجميع عارمة عند دخول المقدسيين للمسجد.. احتفلنا هناك بصمودنا ووحدتنا"، ويتابع: "نجح المقدسيون بأنفسهم في تفسير مقومات الصمود في مواجهة الاحتلال، ونجحوا بوحدتهم في صنع انتصارهم؛ وأن نبض الشعب يجب أن يكون له قيادة قادرة على التعبير عن هذا النبض".

وكان من أبرز المشاهد فور إزالة البوابات ودخول المصليين، أحد المقدسيين يقبل تراب الأقصى ويعفره على جسده، تجسيدًا لتمسكه بالمسجد المبارك. فيما تزاحم آلاف آخرون على الدخول من عدة بوابات.

ويضيف عبيدات: "لم تكن الأزمة تتعلق ببوابات إلكترونية وكاميرات ذكية، بقدر ما كان يريد الاحتلال من خلالها تطبيق مخطط جديد لتقسيم الأقصى، وقضم المسجد القبلي لإقامة ما يسمى (الهيكل) المزعوم".

وشكل نصر المقدسيين _والقول لعبيدات_ "حائطًا" أمام مشروع يفرض سيطرة حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، على المسجد.

وبانتصار المقدسيين في معركتهم الأخيرة، زالت إجراءات الاحتلال عن أبواب المسجد الأقصى وأزيلت بواباته وكاميراته، باستثناء وجود مكثف لشرطة الاحتلال.

ويصف عبيدات _الذي تعرض لاعتداء مباشر من عناصر شرطة الاحتلال في المواجهات الأخيرة_: "يتلفت جنود الاحتلال حولهم باستمرار من شدة الخوف، باتوا مذعورين من المقدسيين".

أما بالنسبة لانتصار المقدسيين، فيرى عبيدات أن "الاشتباك الانتفاضي" وتصدي المقدسيين أفشل مخططات الاحتلال وفرض إرادته.

أما الشاب أحمد الصفدي _مدير مؤسسة إيليا للإعلام الشبابي في القدس_ يؤكد أن يوم الجمعة الماضي حاول الاحتلال الالتفاف على انتصار المقدسيين بإغلاق باب حطة فيما قرر هؤلاء الآلاف دخول الأقصى فاتحين من هذا باب.

وأضاف الصفدي لـ"فلسطين": قمعت قوات الاحتلال كل الموجودين في باب حطة، لتنغيص الفرحة على المقدسيين، لكن التدافع البشري حال دون ذلك، وفتح الباب ودخلنا منه.

أوصل المقدسيون بانتصارهم هذا رسالة وحدة فلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي _كما يقول الصفدي_ "الكل تداعى للدفاع عن القدس والأقصى من مسلمين ومسيحيين، وكانت الوحدة والتكاتف والتصميم على الهدف أبرز أسباب تحقيق النصر".