لا يمكن المرور بشكل عابر على انتصار حققه الفلسطينيون في بيت المقدس أو دون الإشارة إلى بعض ما يحمله من دلالات .في كل المعارك وخاصة تلك التي لا يظهر فيها النصر جليا يحاول كل طرف إبراز " صورة النصر" التي تخصه وتؤيد مزاعمه ، فمنها ما يكون حقيقيا كالتي عرضتها كتائب عز الدين القسام في معركة العصف المأكول مع المحتل الاسرائيلي مثل اقتحام معسكرات العدو واعتلاء دباباته ، ومنها ما يكون زائفا ولا يظهر سوى همجية العدو حين يعرض أبراجا مدمرة، شتان شتان بين استهداف معسكر العدو وجنوده وبين هدم البيوت بالطائرات.
صورة النصر كانت واضحة حين دخل عشرات الآلاف من المصلين المسجد الأقصى من أبوابه مهللين مكبرين بعد أن رضخ الاحتلال الإسرائيلي لكافة مطالبهم فأزال البوابات الإلكترونية والكاميرات الذكية وفتح جميع أبواب الأقصى، أما العدو الاسرائيلي فلم يجد له صورة نصر في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس مما دعا رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لالتقاط صورة مخزية مع قاتل الاردنيين رجل الامن في السفارة " الاسرائيلية" في عمان، تلك لم تكن صورة نصر ولكنها صورة غبية سوف تكلف دولة الاحتلال الشيء الكثير.
التدخل الامريكي والاوروبي والعربي لنزع فتيل الانفجار في بيت المقدس استند الى أمر واحد وهو أن الدين خط احمر بالنسبة للفلسطينيين وجميع المسلمين في العالم ويمكن لاستمرار الأزمة أن يؤدي الى تفجير المنطقة بأسرها، وهذا دليل على أن المجتمع الدولي يحسب حساب الشعوب العربية ويعرف أنها ما زالت تمتلك القوة للتغيير وهي قادرة عليه، وهو دليل ايضا على انهم مقتنعون ان الدين الاسلامي هو المحرك الوحيد لتلك الشعوب، فالشعوب العربية تحتمل الظلم والدكتاتوريات وأحيانا المجازر والقتل الجماعي ولكنها لا تحتمل ان تدنس مقدساتها كالمسجد الاقصى او الكعبة وغيرها من المقدسات لدى المسلمين في العالم.
ثبت بالوجه القطعي أن بعض الانظمة العربية ما زالت تعيش ستينيات القرن الماضي وتتعامل مع القضية الفلسطينية بذات النهج والطريقة، وبعضهم يعتقد أن " الزعيم " وحده من يملك " المايك " والكل له مستمع، لهذا وجدنا كلا منهم يدعي وصلا بالأقصى من خلال العدو الاسرائيلي، فأثبتوا صلتهم بالعدو وانقطاعها بالأقصى، ولم تنته المعركة فلعنة تدنيس الاقصى ستطارد اليهود واعوانهم وحلفاءهم في كل ارجاء الوطن العربي.