فلسطين أون لاين

المقاومة الفلسطينية في احتفالات الجزائر بعيد استقلالها

...

في إطار جهود حركة حماس لترسيخ مكانة المقاومة الفلسطينية لدى أمتنا العربية والإسلامية أنظمةً وشعوبًا، استجابت قيادة حركة حماس لدعوة الرئيس الجزائري لحضور احتفالات بلوغ استقلال الجزائر عامه الستين، الدعوة للزيارة والاستجابة لها، تأتيان في ظل طغيان مظاهر تطبيع أنظمة عربية وازنة اقتصاديًا مع دولة الاحتلال، تلك الأنظمة التي ضلت طريقها وتركت عداءها يندفع باتجاه المقاومة الفلسطينية وباتجاه كل من يتعاكس مع الأفق الإسرائيلي لحل القضية الفلسطينية، وها هي اليوم ترمينا عن قوسٍ واحدة لإكراهنا على الرضا بما نُعطى من فتات، أنظمة عربية استهلكت حينًا من عمر القضية الفلسطينية وهي تزعم حبها ودعمها لفلسطين التي كانت وما زالت رافعةً لمكانة القابضين على جمر ثوابتها، دولة الجزائر الشقيقة كانت وما زالت تصر على  التمسك بسياستها الثابتة تجاه فلسطين، التي عبرت عنها مواقف راسخة عظيمة، وخطابها المكتوب بمفردات قادمة من وجدانها وناطقة باسمه، وكلنا يحفظ الجملة الشهيرة للرئيس الجزائري الراحل هواري بو مدين: نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، واليوم تعبر الجزائر عن رفضها لمخططات ابتلاع الحقوق الفلسطينية، وفتح الباب واسعًا أمام دمج دولة الاحتلال في المنطقة، وذلك باختيارها العنوان الفلسطيني الصحيح ليكون حاضرًا في احتفالات انفكاكها من براثن الاحتلال الفرنسي الذي جثم على أرضها طيلة 132 عامًا.

اختيار الجزائر المقاومة الفلسطينية لتكون حاضرة في الاحتفال، وخصها بالجلوس في مقدمة كبار المدعوين، وهتاف الجيش الجزائري لغزة، كلها مظاهر حتى ولو كانت شكلية تحمل مضامين مهمة يمكن استثمارها لتبلغ درجة إنتاج علاقة إستراتيجية مع الجزائر، ويمكن وضع الدعوة والزيارة وحفاوة الاستقبال في السياقات التالية التي لا يعني غياب غيرها عدم أهليته ليكون سياقًا نضع الدعوة والزيارة في حيثياته

دعوة الجزائر لحماس تأتي في سياق الدور الجزائري التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية الذي لم يتعرض يومًا لنوبة قصور، ولا نزلة فتور، وفي سياق تقدير الجزائر لخيار المقاومة الذي يفيض تاريخها بصفحاته التي كتبها شعبها وهو يقاوم الاحتلال الفرنسي، ويأتي في سياق حرص الجزائر على ترتيب البيت الفلسطيني ورأب صدعه، والسياق الأهم اعتبار الدعوة والزيارة وحفاوة الاستقبال رفضا جزائريا ضمنيا للحلف العربي العسكري الذي سيضم دولة الاحتلال، وأعتقد أن هذا ما أرادت الجزائر إيصاله في هذا التوقيت التي تنشط فيه دولة الاحتلال كثيرًا على مقربة من حدودها في المغرب الشقيق، ولا أريد أن أغفل حركة حماس وأسقطها من قائمة السياقات التي أضع فيها الدعوة والزيارة، فدبلوماسية حماس تنشط كثيرًا لزيادة قائمة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية بمفهومه الإستراتيجي القائم على اعتبار دولة الاحتلال عدوا في هذا الوقت الذي تنشط فيه كثيرًا وتعلو الأصوات التي تعد دولة الاحتلال حليفًا وليست عدوًا. 

في ظل تلبد الأجواء السياسية في الشرق الأوسط بغيوم التطبيع والتحالف مع دولة الاحتلال أعتقد أن العلاقة مع الجزائر ستخدم المقاومة كثيرا، مع وجود الحراك الحاصل لتشكيل حلف عربي عسكري ستدفع فلسطين ثمن تشكيله ما دام أن رأس حربته دولة الاحتلال التي نجحت مع تلك الأنظمة في كي وعي بعضٍ من شعوب أمتنا، وفي تحويل وجهة عدائهم نحو إيران، بعد أن استعانوا في هذه المهمة بنخبهم التي تولت مسؤولية هندسة العقل والوجدان العربي وفق التصميمات الصهيونية الرامية إلى تهشيم الحصانة الرمزية لفلسطين، كما أخذوا على عاتقهم أن يكونوا أبواق هجوم على مبدأ اعتبار نصرة فلسطين  وحدة قياس عروبة وقومية ووطنية هذا أو ذاك.

الحلف العسكري المنوي تشكيله يفرض على المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها رأس حربتها حماس وضع إستراتيجية لمواجهة الخطر القادم عبر بوابة هذا الحلف، وهذا يقتضي البقاء في حالة استنفار دبلوماسي دائم لإقامة أو تحسين العلاقة بالدول المؤمنة بخيار المقاومة والمستعدة لدفع ثمن إيمانها بهذا الخيار،  وأعتقد أن علماء أمتنا الأجلاء والشعوب يدركون حجم التآمر المتعاظم على فلسطين،، وأعتقد أنهم سيكونون في حالة روية وتفهم لمقاصد كل باب ستطرقه حماس في مواجهة هذا الخطر الذي يريد لشعبنا أن يفيء إلى أمر الصهاينة، وأعتقد أنهم سيقرؤون خطورة المرحلة بواقعية ودقة وتجرد من محاولات الخلط بين سياسة حماس عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول العربية، وبين اعتبار جلوس حماس مع طرف اصطفافًا ضد طرف آخر.