لم تنحاز حركة المقاومة الإسلامية حماس عن وثيقتها السياسية التي أعلنتها قبل خمسة أعوام، التي نصّ أحد بنودها على انفتاحها على جميع الدول العربية والإسلامية والإقليم، في سبيل دعم المقاومة الفلسطينية بشتى الُسبل والحفاظ على علاقات سياسية متوازنة مع الجميع.
وبدا ذلك النهج واضحاً وجلياً من تصريحات وسلوك حركة حماس الإعلامي والسياسي، والتي تُجرى مؤخراً حراكاً دبلوماسياً على المستويين الإقليمي والدولي، ضمن إطار حشد الدعم للقضية الفلسطينية وقطع الطريق أمام محاولات الالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني والتطبيع مع دولة الاحتلال.
وتعكس دعوة الجزائر لقيادة حركة حماس للمشاركة في احتفالات ذكرى الاستقلال وتخصيص جلوس رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في المقاعد الأولى الخاصة برؤساء وزعماء الدول، قوّة حضور حماس فلسطينياً وعربياً.
لا بد الإشارة إلى أن زيارة حماس للجزائر، جاءت بعد زيارة نفذتها قيادة الحركة بقيادة رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في منتصف شهر يونيو/ حزيران الماضي إلى لبنان، حيث التقى خلالها الرئيس اللبناني ورئيسي البرلمان والحكومة اللبنانيين، وقيادة حزب الله اللبناني.
وسبق تلك الزيارة توجه وفد من حماس برئاسة الدكتور موسى أبو مرزوق رئيس مكتب العلاقات الدولية في الحركة إلى روسيا في مايو/ أيار الماضي، لبحث تطوير العلاقات الثنائية.
ومما لا شك فيه أن علاقات حماس مع دول الجوار والإقليم تُعيد القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد الدولي وتزيد من التحشيد والدعم لها في مختلف المجالات، عدا عن تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه كل المخططات الإسرائيلية وهرولة بعض الأنظمة العربية لتطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال.
لكن هناك بعض الدول العربية مثل الجزائر ترى في حركة حماس ممثلاً ثورياً للشعب الفلسطيني، وهو ما تستثمره الأخيرة في سبيل تعزيز رواية الحق الفلسطيني ونفي الرواية الإسرائيلية المزعومة في ظل محاولات ضرب القضية الفلسطينية.
في المقابل، يُمكن تفسير دعوة حماس إلى جانب رئيس السلطة محمود عباس، رغبة قيادة الجزائر في تمثيل القضية الفلسطينية بعيداً عن حالة الاختزال التي تمارسها قيادة السلطة الحالية، وعدم قناعتها بأن عباس لا يُمثل كل أطياف الشعب الفلسطيني، نتيجة فشله في لم شمل الشعب الفلسطيني وترتيب مؤسسات منظمة التحرير.
ورغم انشغال الكثير من الدول العربية بأزماتها الداخلية، إلا أن حماس استطاعت أن تذيب الجليد وتوجه البوصلة نحو القضية الفلسطينية عبر زيارات وفودها المستمرة إلى تلك الدول، في سبيل دعم نهج المقاومة وكشف زيف مساعي الاحتلال للانقضاض على الأرض الفلسطينية.
ومن ضمن سياسة الانفتاح التي تسير في طريقها حماس، راحت نحو إذابة جليد وانهاء حالة الجفاء السياسي مع الدولة السورية من عام 2012، عبر استعادة العلاقات بين الجانبين في خطوة رافعة وداعمة للقضية الفلسطينية وتيار المقاومة.
واعتقد أن عودة العلاقات بين حماس وسوريا بعد قطيعة دامت 10 سنوات خطوة مهمة على طريق إيجاد حلفاء وشركاء للحركة، من أجل تعزيز دورها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وكل محاولات تضييق الخناق عليها، وكسر كل المساعي الرامية لفرض الحصار عليها.
وختاماً فإن كل الخطوات التي تسير عليها حركة حماس عبر التواصل مع مختلف الدول، تُعطي إشارة مهمة حول الوعي والنضج السياسي والدبلوماسي الذي تتبناه قيادتها، من أجل إعادة تموضع القضية الفلسطينية وجعلها في صدارة كل المحافل الدولية والعربية، وصولاً لاستعادة الحق الفلسطيني كاملاً.