لم يكن مفاجئا ما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس في الساعات الأخيرة عن وجود متزايد للقطع البحرية الإيرانية في البحر الأحمر، زاعما بذلك أنها تنتهك حرية الشحن البحري، وتعطّل طرق التجارة في قناة السويس، وتجاهل غانتس أن الاحتلال ذاته هو أساس الانتهاكات والتشويش والتعطيل.
غانتس كشف عما سمّاها صورا للأقمار الصناعية غير عادية تم جمعها في الأشهر الأخيرة، وتظهر أربع سفن للجيش الإيراني في البحر الأحمر، وهو وجود غير عادي، ومستمر لم يشهده الاحتلال منذ العقد الماضي، زاعما أنه تهديد مباشر للتجارة العالمية والطاقة والاقتصاد.
ليس سرا أن الإسرائيليين يراقبون من كثب الجهود الإيرانية المتواصلة لصياغة جملة من روافع الضغط الخاصة بها في أعقاب المحادثات النووية، في محاولة واضحة منها للتصدي للعمليات الأمريكية في المنطقة الهادفة إلى محاصرتها.
في الوقت ذاته فإن البحر الأحمر وقناة السويس يعدّان علامة بارزة بالنسبة لدولة الاحتلال، لأننا أمام واحد من أكبر وأهم طرق التجارة البحرية في العالم، ويمر عبره ما لا يقل عن 25٪ من حركة التجارة البحرية العالمية، بما في ذلك البضائع والنفط، من الشرق الأقصى ودول الخليج إلى البحر المتوسط وأوروبا.
ونظرا لأهمية هذا الفضاء، تحاول دولة الاحتلال وضع موطِئ قدم لها فيه، سواء بالتفاهم مع الدول المجاورة، أو بفرض الأمر الواقع، على خلفية المحاولات الإيرانية في السنوات الأخيرة للتأثير في هذا المسار، رغبة منها بالاستفادة من وجودها هناك، سواء للتأثير في المفاوضات من أجل العودة للاتفاق النووي رغم الرغبة الإسرائيلية الرافضة، أو الرد على العمليات الأمريكية في الشرق الأوسط.
تتحدث المحافل الإسرائيلية عن تزايد للوجود البحري الإيراني في هذه المنطقة الحيوية الحساسة، رغبة منها بزيادة نفوذها في القرن الإفريقي من أجل مد سيطرتها في هذه المنطقة، ولا سيما من خلال تحالفها مع الحوثيين في اليمن الذين يسيطرون على مضيق باب المندب هناك، وتسليحها لهم بصواريخ شاطئية وطائرات دون طيار انتحارية، وترسيخ قدرتها على الرسو قبالة الساحل اليمني.
كل هذا يعني لدولة الاحتلال أن إيران عاقدة العزم على إعاقة السفن الإسرائيلية في تلك المنطقة، وعرقلة تأمين الممرات الملاحية، رغبة منها في الإضرار بالناقلات التي تصل إلى ميناء إيلات، في حين تجمع دولة الاحتلال معلومات استخبارية على مدار الساعة عن السفن الإيرانية، سواء في محاولات نقل الأسلحة، أو دخول ناقلات النفط الإيرانية باتجاه سوريا، مع وجود مخاوف إسرائيلية من تهديد السفن الإيرانية أو استيلائها على سفينة مملوكة لدولة الاحتلال، كما فعلت سابقا في مياه الخليج العربي.