فلسطين أون لاين

قصف طرطوس.. ليس آخر العدوانات الإسرائيلية على سوريا

شن الطيران الإسرائيلي عدوانًا جويًّا بعدة صواريخ من فوق البحر المتوسط غربي طرابلس اللبنانية، مستهدفًا جنوبي طرطوس السورية، استمرارا لمئات الغارات على سوريا في السنوات الأخيرة، مستهدفة مواقع للجيش وأهدافا لإيران وحزب الله.

يأتي قصف الاحتلال لطرطوس هذه المرة، بعد أسابيع على عدوان مماثل على مطار دمشق، وأوقف مهابط طائراته عن الخدمة، دون أن يواجه بردّ رادع يكبح جماحه، مما جعل من عدوانه الأخير متوقعاً، مع استمرار إستراتيجيته المعلنة "المعركة بين الحروب"، التي تجعله يخوض عشر حروب في سنة واحدة، بدل خوض حرب شاملة مرة واحدة كل عشر سنوات.

ينظر الإسرائيليون إلى أن تكاليف هذه العمليات المكثفة باتجاه الأراضي السورية لاستهداف القواعد الإيرانية هناك، "أرخص" كثيرا مقارنة بحرب قد تستمر شهرين، ما يعني أن هذه الاستراتيجية تلفت انتباهًا كبيرًا، دون أن تتحمل (إسرائيل) بالضرورة، وعلانية، المسؤولية عنها.

مع العلم أن الهدف الإسرائيلي المزعوم لا يتمثل بـ"إذلال" العدو، و "إحراجه" أمام جمهوره الداخلي، وفي بعض الأحيان لا تتمثل هذه السياسة بإلقاء قنبلة على شحنة أسلحة فحسب، بل لإيصال رسالة، أو زرع فكرة ضمن "مراسلات ناعمة" مع العدو، وفي كثير من الأحيان يفهم الجانب الآخر هذه الرسالة الواردة من (تل أبيب).

لا يتوانى كبار الضباط المنخرطين في تنفيذ هذه الضربات في الإشارة إلى عدد غير قليل من الثغرات في عمليات "المعركة بين الحروب"، والتنويه للمخاطر التي يتعرض لها المهاجمون الإسرائيليون، مما استغرق ساعات طويلة من المناقشات لبحث تلافيها.

مع مرور الوقت، بات ما يحدث اليوم من ضربات وهجمات في قلب الأراضي السورية مبنياً على معادلات عسكرية يفرضها الاحتلال، للأسف الشديد، بعد أن كان يقدر أن الأطراف التي يتم مهاجمة مواقعها في سوريا سترد عليه على الفور، لكن تبين العكس لاحقا، وهذا يعني أن كثيرا من المعادلات تم بناؤها بمرور الوقت، واتضح أن تغيير المعادلة قد يحدد طبيعة الأمور التي يجب أن تستمر.

اليوم لا يبدو أن قصف طرطوس سيكون آخر عدوانات الاحتلال على سوريا، وما فيها من مواقع تابعة لدول ومنظمات معادية له، طالما أن فهم المعادلات التي تم إنشاؤها في الجبهة الشمالية جيدا، وتميل لصالحه، فالمعادلة التي فهمها منذ عقود عن الرد في "الزمان والمكان المناسبين"، منحته مزيدا من الجرأة في استهداف ما يريد من مواقع وقواعد وشاحنات، دون أن يتم الرد عليه بما يليق، او على الأقل في حدّه الأدنى.

مع العلم أن الاحتلال ليس في أريحية أمنية وعسكرية كبيرة، وبالإمكان الرد عليه، ليس بالضرورة من خلال خوض حرب عسكرية واسعة وشاملة، ولكن "ما لا يدرك كلّه، لا يترك جلّه"!