رضخت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمطالب المقدسيين بفتح كافة أبواب المسجد الأقصى المبارك أمام المصلين، وإلغاء قرار عدم السماح للمصلين دون الخمسين بدخول المسجد، فيما أقام المقدسيون الصلاة عند باب المغاربة لأول مرة منذ 50 عاماً.
وأعادت قوات الاحتلال الإسرائيلي فتح كافة أبواب المسجد الأقصى اليوم تدريجيا أمام المصلين، وإلغاء قرار عدم السماح للمصلين دون سن الخمسين بدخول الأقصى.
وجاء قرار سلطات الاحتلال بعد ساعات من انتهاء صلاة الجمعة، التي حرم آلاف الفلسطينيين من أدائها في باحات ثاني المسجدين بفعل القيود الإسرائيلية العنصرية.
وأدى آلاف الفلسطينيين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وفي شوارع البلدة القديمة المحبطة به، وسط تواجد مكثّف لقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وذكرت دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية في القدس، أن 10 آلاف مصلّ أدوا الصلاة داخل المسجد الأقصى من أصل 300 ألف مصل كان من المفترض أن يتواجدوا في الأقصى لولا القيود التي فرضها الاحتلال.
ولجأ آلاف الفلسطينيين ممّن منعوا، إلى الصلاة في محيط المسجد وقرب أبواب البلدة القديمة وما حولها.
وفتحت قوات الاحتلال ثلاثة من أبواب المسجد الأقصى، ولم يكن “باب حطة” من بينها.
وأفاد شهود عيان، بأن قوات الاحتلال منعت أيضاً رجالاً فوق سن الخمسين من دخول المسجد الأقصى، بسبب ارتدائهم قبّعات كُتبت عليها عبارة "لبيك يا أقصى".
وحول الاحتلال القدس إلى ثكنة عسكرية، إذ فرضت قواته قيوداً مشددة ونشر المئات من عناصر وحداته المختارة والخاصة و"حرس الحدود"، في مناطق؛ حي رأس العامود، وواد الجوز، وباب الخليل، وقرب كنيسة الجثمانية، وأبواب البلدة القديمة جميعها.
وسير جيش الاحتلال دوريات عسكرية مدججة بالسلاح راجلة ومحمولة وخيالة وسط البلدة القديمة، ونشر العشرات من الحواجز والمتاريس الحديدية ما أعاق وصول آلاف الفلسطينيين ليصلّوا على الإسفلت في مناطق متفرقة.
وحلّقت طائرة استطلاع إسرائيلية وأخرى مروحية ومنطاد استخباري في سماء مدينة القدس بالتزامن مع انتهاء صلاة الجمعة، بالإضافة إلى تواجد سيارات المياه العادمة.
ومنعت قوات الاحتلال حافلات من المدن الفلسطينية المحتلة عام 48 من الوصول إلى مدينة القدس.
وهذه هي الجمعة الثالثة على التوالي التي لا يتمكّن فيها جميع المصلين من أداء الصلاة في المسجد الأقصى بسبب قيود وإجراءات الاحتلال.
وكان المقدسيون، امتنعوا عن الصلاة في الأقصى احتجاجا على تركيب بوابات إلكترونية وكاميرات ذكية على مداخل المسجد، ما أثار موجة غضب عارمة.
تطورات لافتة
وفي تطور لافت، ولأول مرة أقام المواطنون من سكان بلدة سلوان جنوب الأقصى صلاة جمعة حاشدة على باب المغاربة.
ومنذ الاحتلال الإسرائيلي لشرقي مدينة القدس في حزيران/ يونيو 1967 صودرت مفاتيح باب المغاربة من المسلمين ومنعوا من الدخول إلى المسجد من خلاله. ومنذ ذلك الوقت لم تقم أي صلاة في تلك المنطقة التي خصصت لدخول المستوطنين إلى باحة حائط البراق.
و"المغاربة" أحد أهم وأقدم أبواب المسجد الأقصى، يقع في سوره الغربي, أقرب إلى جهة الجنوب، بمحاذاة حائط البراق المحتل، مدخله مقوس، ويعرف أيضا بباب البراق وباب النبي, حيث يعتقد أن الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) دخل من جهته إلى المسجد الأقصى ليلة الإسراء والمعراج، كما يعتقد بعض المؤرخين أن الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) دخل من ناحيته إلى الأقصى أيضا بعد الفتح. وهذا الباب هو أقرب الأبواب المفتوحة إلى الجامع القِبْلي.
كما أقيمت صلاة حاشدة في باب الخليل، وهي المرة الثانية التي تقام فيها مثل هذه الصلاة في هذه المنطقة، علماً أن باب الخليل هو الأقرب إلى غربي القدس المحتلة ولطالما أجرى الاحتلال فيه أعمالاً تهويدية، في الوقت الذي تظاهرت فيه مجموعة من المستوطنين في المكان وهي تحمل أعلام الاحتلال لاستفزاز المصلين.
وفور الانتهاء من الصلاة، هتف المصلون في باب الأسباط ووادي الجوز "بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، كما ردد عشرات الآلاف هتافات مشابهة نُصرة للمسجد الأقصى.
وفي محاولة لكتم أصوات المهللين والمكبرين في الأقصى، أطلقت قوات الاحتلال سيلًا من القنابل المسيلة للدموع، اندلعت على إثرها مواجهات في عدة مناطق في ضواحي وأحياء المدينة المقدسة، أصيب فيها نحو 65 فلسطينياً وفقاً لما أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وخشية من تفجر الأوضاع في مدينة القدس، تراجعت قوات الاحتلال عن القيود العمرية التي فرضتها على دخول المسجد الأقصى، معلنة عن فتح جميع أبوابه أمام مختلف الفئات العمرية.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس: إن سلطات الاحتلال أبلغتهم بشكل مفاجئ بفتح أبواب الحرم القدسي جميعها بشكل تدريجي.
وأكدت الدائرة أن باب حطة الذي شهد محيطه أشد الاستفزازات من قبل جنود الاحتلال أمس قد فتح.
وفي بيان رسمي، أعلنت شرطة الاحتلال إلغاء إجراءاتها بمنع الفلسطينيين دون سن الخمسين من دخول الأقصى، وزعمت أن قرار المنع كان "إجراء احترازيا" يختص بصلاة الجمعة فقط.
وتعد معركة إغلاق الأقصى أحد أبرز المحطات التاريخية التي شهدها المسجد منذ احتلال فلسطين عام 48. ورسم المقدسيون صورة إبداعية في المواجهة الشعبية التي اتبعوها لتقويض إجراءات الاحتلال العنصرية للسيطرة على المسجد، وشكلت المرجعيات الدينية حجر زاوية في تعبئة وإدارة الجموع في القدس.