نشر الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أبو عبيدة تغريدة جاء فيها: "نعلن عن تدهور طرأ على صحة أحد أسرى العدو لدى كتائب القسام، وسننشر خلال الساعات القادمة بإذن الله ما يؤكد ذلك". وبعد أقل من 24 ساعة نشرت القسام مقطعاً مصوراً للجندي هشام السيد.
ما هي أهم الرسائل للفيديو المصور...؟ وما رسالتي لعوائل الجنود الأسرى...؟
قبل الخوض في الرسائل السياسية والإنسانية والعسكرية أريد أن أحلل أهم مضامين محتوى الفيديو، وهي على التوالي: الاهتمام الطبي – شاشة التلفاز – بطاقة الهوية وتذكرة الحافلة.
أولاً- الاهتمام الطبي:
نعم، نجحت المقاومة في تقديم الصورة الإنسانية التي تعكس أخلاق المقاومة والمنسجمة مع القانون الدولي الإنساني في وقت يعاني فيه الأسرى الفلسطينيون المرضى في السجون الإسرائيلية إهمالاً طبياً متعمداً أودى بحياة العشرات منهم، وهذه الصورة تجسدت في نظافة الغرفة ووسائل التدفئة ووضع الأوكسجين على أنف هشام، ما يؤكد أن ضمن وحدة الظل المكلفة بتأمين الأسرى هناك أطباء وممرضون مهمتهم الإنسانية توفير أفضل فرص العلاج، في ظل التعقيدات الأمنية والمراقبة الإسرائيلية لكل ما يتحرك في قطاع غزة، وهو ما يضع الحكومة الإسرائيلية أمام مسئولياتها إذا أرادت أن توفر فرصا للعلاج للسيد في أرقى المستشفيات الإسرائيلية عليها دفع الثمن الإنساني في قضية هشام، حسب ما جاء على قناة الميادين، والمتمثل بإطلاق سراح هشام مقابل الأسرى المرضى، أو صفقة شاملة للإفراج عن الجنود الأربعة.
ثانياً- شاشة التلفاز:
شاشة التلفاز تحمل رسالتين: الأولى متعلقة بمحتوى البث، وهو منتدى الدوحة الاقتصادي الذي عقد يوم 21/6/2022م، أي أن وقت التصوير خلال ما يقارب عشرة أيام، في حين تغريدة أبو عبيدة كانت يوم 27/6/2022م، وهو ما يعني أن ما بين الفيديو والتغريدة ستة أيام، وكأن القسام تريد أن تقول من خلال ما سبق إن حالة هشام السيد الآن ليست كما كانت بالفيديو، وقد تعرضت لانتكاسة طبية (تدهورت).
الثانية: وجود شاشة تلفاز في غرفة هشام السيد يعني أن مقومات الحياة متوفرة، ما يعيد للذاكرة الفلسطينية والدولية مشاهد الاحتجاز الجيد للأسرى الصهاينة، وهو ما يتناسب مع الأخلاق والدين والقانون.
ثالثاً- بطاقة الهوية الإسرائيلية:
بطاقة الهوية تبرز منها ورقة بالعبرية قد تكون تذكرة حافلة مخصصة للجيش، لست متأكداً من ذلك، لكن إبرازها ليس عبثاً من وجهة نظري.
بعد تحليل مضمون الفيديو يمكن أن نخلص إلى الرسائل الآتية، وهي:
-
الاهتمام الطبي بالأسير هشام السيد مقابل الإهمال الطبي لمئات الأسرى الفلسطينيين، وهي رسالة إنسانية مهم التركيز عليها.
-
تحريك المياه الراكدة في ملف صفقة التبادل، ما يؤكد حرص المقاومة على إنجازها في أسرع وقت، وما سربته قناة الميادين بشأن عرض حركة حماس صفقة إنسانية بموجبها تفرج القسام عن هشام السيد في حين تفرج (إسرائيل) عن الأسرى المرضى، إن تم تأكيده من حماس فهذا يحرك جهود الوساطات على تجزئة ملف التبادل بما يصل في النهاية إلى صفقة تبادل شاملة.
-
استثمار التوقيت الحالي لدولة الاحتلال، حيث تقلد يائير لابيد منصب رئيس الوزراء بعد حل الكنيست، واعتزال بينيت الحياة السياسية، تغيرات تطرح التساؤل: هل ممكن أن يكون لابيد شخصا مختلفا وقادرا على اتخاذ قرارات مؤلمة بالنسبة لكيانه...؟ وبذلك يذهب قبل الانتخابات باتجاه صفقة تعيد هشام كمرحلة أولى مقابل الأسرى المرضى. ننتظر الأيام القادمة لفحص هذا التوجه رغم صعوبته مع قرب الانتخابات المبكرة.
إن خارطة الطريق التي أفرجت عن جلعاد شاليط بدأت من تحرك الجماهير الإسرائيلية أمام منزل نتنياهو، وهنا أقول لعائلة هشام السيد: أولى خطوات الإفراج عن نجلكم تبدأ من عند قيادة تحرك جماهيري بمساندة الوسط الإثيوبي، ومن يؤمن بتحرككم في الوسط اليهودي أمام منزل ومكتب رئيس الحكومة لابيد. في تقديري سيكون ابنكم بعد أسابيع قليلة في منزله، في المقابل تساهمون في الإفراج عن مئات الأسرى في السجون الصهيونية وعودتهم لأحضان أمهاتهم. نعم، أسابيع قليلة، لأن الصفقة كادت أن تتم في وقت سابق، ولكن تعنت الحكومة وصمت الجماهير كانا سبباً في إفشال جهود مندوب رئيس الحكومة للجنود الأسرى.