فلسطين أون لاين

ماذا تخبئ كتائب القسام خلف شريط الفيديو؟

هل تجهل قيادة حركة حماس الخريطة الحزبية الإسرائيلية، والتداعيات السياسية لحل الكنيست؟ لا أظن ذلك! فقيادة حماس مرغمة على امتلاك قرون استشعار سياسية وأمنية؛ تفرض عليها إدراك الخطر قبل وقوعه، وتفرض عليها تقدير مواطن الضعف والقوة في السياسة الإسرائيلية، فالحركة تمشي على حد السيف، وأي خطأ في التقدير، وأي خطوة دون دراسة أو تفكير، ستؤدي إلى دق الأعناق، في واقع دولي لا يرحم الضعفاء.

فماذا تخبئ كتائب القسام خلف شريط الفيديو الذي نشرته للجندي الإسرائيلي الأسير؟ ولا سيما أن قيادة الحركة تدرك حقيقة الوضع الداخلي الإسرائيلي الذي لا يسمح في هذه المرحلة بإجراء صفقة تبادل أسرى، فلا يقدر أي مسؤول إسرائيلي على أن يخاطر بمستقبله السياسي، والانتخابات البرلمانية بعد أربعة أشهر.

فماذا تخبئ حركة حماس خلف شريط الفيديو، خلافًا لما راج من تقديرات بأن حركة حماس تمارس الضغط على حكومة الاحتلال، لإثارة الرأي العام الإسرائيلي ضدها، وإجبارها على الرضوخ لشروط الحركة بشأن إتمام صفقة تبادل أسرى؟

لقد نجحت حركة حماس في السنوات الأخيرة في التلاعب بأعصاب الإسرائيليين، وامتلكت المبادرة في أكثر من خطوة، سواء كان ذلك على صعيد مسيرات العودة، أو إطلاق مسيّرات عابرة للحدود، أو المبادرة بمعركة سيف القدس، أو التلويح باستئناف المعركة التي لم تنتهِ بعد، ليسهم شريط الفيديو في إرباك الساحة السياسية الإسرائيلية المرتبكة أصلًا بمناورات عسكرية، وصناعة أحلاف إقليمية، بما في ذلك الاستعداد لقطف الثمار من زيارة جو بايدن، فهل كان شريط الفيديو بمنزلة تكتيك تفاوضي لمرحلة قادمة، يهدف إلى تذكير الإسرائيليين بضعفهم، وعجزهم عن تحرير أسراهم الموجودين على بعد عشرة أمتار داخل قطاع غزة؟

قد يكون الجندي الإسرائيلي الأسير هشام السيد مريضًا حقًّا، وأرادت حركة حماس أن تشهد العالم على مساعيها الإنسانية لإنقاذ حياته، وهي تحمل (إسرائيل) المسؤولية، لتأخرها في الموافقة على صفقة تبادل أسرى، قد يكون ذلك، وقد يكون الهدف سياسيًّا، بإظهار حركة حماس في موقع المسؤولية، وأنها تبذل كل ما في وسعها من أجل صحة جندي أسير، في الوقت الذي تتباطأ إدارة السجون الإسرائيلية، وتماطل في إنقاذ الأسرى الفلسطينيين المرضى.

إن التركيز على الجندي الأسير هشام السيد دون غيره؛ فيه إيحاء للجنود العرب والدروز، الذين خدعوا بالمساواة والعدالة داخل المؤسسة العسكرية، قد يكون في شريط الفيديو تذكير لهم، بأنهم أقل درجة، وأنهم عبيد بلا قيمة، فإن قتلوا، وإن وقعوا في الأسر، فلن يجدوا من يسعى لإنقاذ حياتهم.

وقد يكون في عرض شريط الفيديو بهذا الشكل رسالة إلى الجنود الصهاينة أنفسهم، تحذرهم من الويل الذي ينتظرهم على بوابات غزة، وهذه رسالة رعب أرادت حركة حماس أن توصلها إلى الضباط والجنود الصهاينة، في ظل المناورات العسكرية، والتهديدات الإسرائيلية بحرب على عدة جبهات.

لقد أشغلت حركة حماس الرأي العام الإسرائيلي بشريط الفيديو، وأشعلت النيران في قلوب الجنود الإسرائيليين وجعًا على رفاقهم في الأسر، وفزعًا من المستقبل المجهول الذي ينتظرهم، وفتحت حركة حماس بوابة الأمل لدى الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ورسمت معالم مرحلة سياسية، تحلم بها الأمة العربية والإسلامية، مرحلة الندية في العلاقة مع العدو الإسرائيلي، ندية تعتمد على حائط الصد الفولاذي، الذي تحطم على صلابته جبروت العدو ومؤامراته.

فماذا يدور في رأس حركة حماس؟ هذا هو السؤال الذي يربك حسابات الحكومات الإسرائيلية، وتعجز عن الإجابة عليه أجهزتها الأمنية!