ما زالت المقاومة الفلسطينية حريصة على التمسك بخيار الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون الصهيونية، وقد برز ذلك جلياً من خلال استخدامها إحدى الأوراق التي بين يديها، حيث هدفت من خلال عرضها مشهد للجندي الأسير هشام السيد تحريك المياه الراكدة وتأليب أهالي الأسرى الصهاينة على الحكومة الفاشلة المتصدعة، ولا سيما أن ذلك المشهد للجندي الصهيوني سيكشف حجم التمييز العنصري الصهيوني بحق أسراه كونه ليس من أصول يهودية، ومما لا شك فيه أن هذا التمييز سيولد حراكاً داخل الكيان ربما يؤدي إلى إحداث تصدع داخل المجتمع الصهيوني ويخلق فجوة كبيرة بينهم، وكنا قد شاهدنا مثل هذا التمييز في العديد من المرات منها مع أفيرا منغيستو لأنه من أصول أثيوبية، وآخرها مع الضابط الدرزي محمود خيرالدين الذي قُتل في معركة حد السيف وكيف أنهم لم يعلنوا عنه بشكل صريح في حينها.
الجندي الأسير الصهيوني هشام السيد من قرية الحورة بالنقب المحتل ويحمل الجنسية الإسرائيلية، حيث بدأ خدمته في الجيش الصهيوني في 20 إبريل 2015م، وحين تم احتجازه طرف المقاومة الفلسطينية كان يبلغ من العمر29 عاماً، علماً أن السيد قد تسلل إلى قطاع غزة عبر ثغره في السياج الزائل شمالي قطاع غزة واختفت آثاره منذ ذلك الحين، وتبين فيما بعد وقوعه في قبضة المقاومة، وكان له أول ظهور في الفيديو الذي عرضته المقاومة الذي استمر مدة 39 ثانية وتبدو عليه علامات المرض، وأظهر المقطع حجم الرعاية الطبية التي تقدمها كتائب القسام له ومدى حرصها واهتمامها بحياة الأسرى الموجودين في قبضتها، في الوقت الذي يتعمد فيه العدو الصهيوني التعامل بهمجية مع الأسرى الفلسطينيين ويُعرض حياتهم للموت البطيء نتيجة الإهمال الطبي وعدم تقديم الرعاية لهم.
أعتقد أنه بعد عرض مقطع الفيديو للجندي الأسير تكون المقاومة الفلسطينية قد منحت إحدى عائلات الأسرى الصهاينة معلومات صحيحة وموثوقة عن حالة أبنائهم لديها، وكذلك أكدت لهم بأن حكومتهم تكذب عليهم، لأنها حكومة ضعيفة ومفككة وتعيش حالة من التشرذم، أيضاً فقد برزت حالة الضعف والارباك لدى حكومة الاحتلال، حيث سارعت بالاتصالات من طرفها مع الوسطاء المصريين لمطالبة المقاومة المحافظة على جنودها والإفراج عنهم.
والجدير ذكره بأن الاحتلال الصهيوني قد طالب سابقاً بعرض مقطع فيديو يوضح فيه معلومات عن أسره في غزة، وقد صدقت المقاومة الفلسطينية في وعدها وأظهرت إنسانيتها في تعاملها مع أسرى العدو، فهل يقوم الاحتلال بمعاملة الأسرى الفلسطينيين بالمثل كما يتم معاملة أسراهم في غزة؟ بالتأكيد لا.
إن مقطع الفيديو الذي عرضته المقاومة الفلسطينية للجندي الأسير لديها كان بمثابة ورقة ضغط لإنعاش التفاوض وتحريك المياه الراكدة، وهو ضرورة غاية في الأهمية لإنجاز صفقة تحرير أسرى على غرار صفقة وفاء الأحرار، حيث أرادت كتـائب القسام من خلاله أن تُوصل رسالة للعدو الصهيوني عن جهوزيتها لعملية تبادل للأسرى الصهاينة المحتجزين طرفها، مؤكدةً على أنها لن تتوانى لحظة في عملية أسر أخرى من أجل تبييض كافة السجون من الأسرى الفلسطينيين والعرب.
لذا، يمكن القول أن الكيان الصهيوني يعيش حالة من الارباك والتخبط نتيجة ما سيقع فيه من ضغوطات داخلية من قبل عوائل الجنود الأسرى، لا سيما بعد أن تبين لهم أن الكيان يُكيل بمكيالين فيما يتعلق بجنوده ويظهر حجم التمييز العنصري الشديد تارةً مع الجندي الأسير منغيستو وتارةً أخرى مع الأسير السيد، وهو ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي نتيجة ذلك التمييز ، وقد يكون له أثر في زيادة الأزمة السياسية وتعميق الانقسام داخل الكيان الصهيوني.