ماذا وراء نشر فيديو للجندي الإسرائيلي هشام السيد المعتقل لدى حماس في غزة؟! الفيديو أظهر هشام مريضًا يتلقى العلاج، وعلى جهاز التنفس الصناعي! هل هذا وضع طبيعي، أم وضع مفتعل؟ اليقين في الإجابة ليس في التحليل عادة، بل عند من يمتلك المعلومات، وعند من نشر الفيديو، ومع ذلك نقول: هل من الغريب أو المستحيل أن يمرض الأسير المعتقل؟! ألا يجري على الأسير ما يجري على الحرِّ من العافية والمرض؟! إن كان الرجلان سواء في المرض والعافية، فالأمر الذي جاء في الفيديو أمر طبيعي.
يقولون للفيديو أغراض سياسية أبعد من الأمر الظاهر، وهذا قول ممكن، ولا يخالف المنطق. بل من الطبيعي أن تبحث المقاومة عن طرق توصلها لأهدافها، وبالذات إجراء مبادلة تحقق تحرير بعض الأسرى الفلسطينيين. لدى المقاومة في غزة بحسب تصريحات قادتها أربعة أسرى إسرائيليين، اثنان منهم حيانِ يقينًا، واثنان يحيط بهما الغموض، ومن حق المقاومة أن تحافظ على هذا الغموض بما يحقق أهدافها منه.
تبادل الأسرى أمر طبيعي، وأمر تمارسه الدول، وآخر من مارسه من الدول: روسيا وأكرانيا ولما تنتهي المعارك بينهما. وتعنت دولة الاحتلال في هذه المسألة أمر غير طبيعي، وخارج عن المألوف والمعتاد، ومن ثمة تتعثر محاولات التبادل. كانت صفقة التبادل مع شاليط مهينة في نظر المعارضين لنتنياهو، لذا شرطوا في الكنيست شروطًا تعطل عمليات تبادل محتملة، ومن ثمة سقط الأسرى في النسيان، وهذا السقوط يخالف تعاليم التوراة عندهم!
إذا كانت المقاومة تعلم أن شروطهم الحديثة تخالف التوراة، فهل تهدف بالفيديو إلى تحريك نزاع بين الأطراف الداعية للتبادل، والمعترضة عليه؟ أم تريد المقاومة أن تخلي مسؤوليتها عن هشام إذا مات بالمرض؟! ومن ثم يجدر بعائلته أن تتحرك من أجله.
المهم أننا أمام قصة معقدة، وتحتاج لتحريك سياسي وإنساني باستمرار، وإذا ركد الماء أسن ولم يعد صالحًا، وللمحافظة على صلاحية عملية التبادل ربما كان الفيديو.