فلسطين أون لاين

تقرير "امريحة".. يحاصرها الاستيطان وتُحرَم التطوير منذ عقدين

...
قرية "امريحة"
جنين/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

منذ أكثر من عشرين عاماً تحولت حياة أهالي قرية "امريحة" على الطريق الواصل بين جنين وطولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، إلى جحيم لا يُطاق بفعل تضييقات الاحتلال الإسرائيلي واعتداءات مستوطنيه الهادفة لإخراجهم من أرضهم وضمها للمستوطنات التي تحيط بالقرية كـ"السوار في المعصم" وإعطائها للمستوطنين، لكن صمود أهلها رغم "ضنك العيش" يؤخر تلك المخططات.

فأهالي القرية الذين يزيد تعدادهم على الألف بقليل أغلبهم من "البدو"، يعتمدون في حياتهم على رعي الأغنام وزراعة المحاصيل الموسمية، ويعيشون في بيوت من الشعر أو خيام وبعض البيوت التي بُنيت حديثاً من الحجارة.

كانت حياة الأهالي قبيل انتفاضة الأقصى عام 2000م تميل لبعض الهدوء لكنها انقلبت رأساً على عقب كغيرها من المناطق المحاذية للمستوطنات خلال الانتفاضة وما بعدها.

تروي فاطمة حمدوني "50 عاماً" والتي تعيش في امريحة منذ نعومة أظفارها، كيف تغيرت الحياة بعد انتفاضة الأقصى، حيث يُضيق عليهم الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج، فيمنعهم من التوسع والبناء، والمرافق بما فيها المدارس، حيث يقطع الطلاب مسافات طويلة لعدة كيلومترات في حر الصيف وبرد الشتاء للوصول لمدارسهم في "يعبد" وما يتعرضون له من اعتداءات المستوطنين.

وتشير إلى أن الحياة تسير في القرية من صعب لأصعب بمرور الوقت، "فالطلبة صغار السن يخرجون في السادسة صباحاً وسط ظروف الجو القارسة ليصلوا إلى "يعبد" قرابة الساعة الثامنة، ما دفع في الماضي الكثيرين من السكان إلى ترك المدارس بمن فيهم أنا".

وتستدرك حمدوني بالقول: "لكن الأجيال الحديثة أكثر فطنة منا لأهمية التعليم، فهم لم يستسلموا للظروف الصعبة واستمروا في الذهاب للمدارس وحصلوا على معدلات عالية في الثانوية العامة وها هم يُكملون مسيرتهم الجامعية".

خيام و"بركسات"

وبيوت القرية على حالها منذ عقدين من الزمان حيث يمنع الاحتلال بناء وتطوير البيوت، ما يحول دون توسع العائلات وقدرة الشباب على تكوين أسر جديدة في المنطقة فيُضطرون للاستئجار في قرية يَعبد لأجل الزواج.

ولا يسلم أهالي امريحة من اعتداءات المستوطنين المستمرة عليهم وعلى مزارعهم ومواشيهم، "فحوادث الاعتداء على المزارعين والرعاة كثيرة، حتى أصبح الخروج للرعي والزراعة مخاطرة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لنا!".

والطوق الاستيطاني المحيط بالقرية يدفع بالأهالي لقطع مسافة طويلة إلى قرية "يعبد"، فالخروج من وإلى القرية "سيناريو محفوف بالمخاطر أيضا"، فغالبا ما ستوقفك قوات الاحتلال على حواجزها وتعطل مشوارك لعدة ساعات أو قد يصادرون سيارتك وتضطر للبحث عن سيارة بديلة، تقول حمدوني.

وتبين أن أهالي امريحة يلجؤون لاستعمال الدواب وسيلةً للتنقل والذهاب لقضاء احتياجاتهم من خارج القرية حيث يسلكون بها طرقاً التفافية رغم أن ذلك يزيد مشقة الطريق ويضاعف الوقت للوصول للمكان الذي يريدونه.

وتضيف: "يحاول أهل القرية اختصار مشاويرهم الخارجية وتجميعها في يوميْن في الأسبوع يخرجون فيها لشراء مستلزماتهم الأساسية حتى لا يتعرضوا للاعتداءات".

وتحيط بـ"امريحة" أربع مستوطنات، من الغرب "مافو دوتان"، و"حرميش"، ومستوطنتا "شكيت" و"حنانيت" شمالا، كما يفصل القرية شارع عسكري لا يفارقه جنود الاحتلال بالقرب من حاجز "برطعة" الذي يضم أبراج مراقبة لجيش الاحتلال.

كما يقيم جيش الاحتلال حاجز "دوتان" على مدخل مستوطنة "دوتان" على بعد عدة مئات من الأمتار عن مدخل بلدة يعبد؛ ما يجعل المنطقة بوجود الحاجزين، وطريق مغلق منذ عشر سنوات وهو الأقرب الذي يؤدي إلى يعبد، أشبه بثكنة عسكرية حيث يسير المواطنون مسافة ثلاثة إلى أربعة كيلومترات من أجل الوصول إلى يعبد الأقرب لمريحة، لقضاء حاجياتهم، كما يبين محمد العبادي.

ويضيف المسؤول في بلدية يعبد أن الاستيطان يحيط بـ"امريحة" من كل جانب، وهناك مستوطن أقام بؤرة استيطانية منذ عشر سنوات، ويربي غنمًا وبقرًا تحت حماية الجيش، ولديه سيارة يتجول في المنطقة ويستهدف المزارعين هناك بضربهم وتدمير بيوتهم".

ومضى إلى القول:" قبل أقل من شهر أحضر 30 جملاً فأكلن الخضراوات والمزروعات، وقطعن أسلاك الكهرباء والماء في تلك الأراضي، كما أغلق طريقاً زراعية بين أراضي المواطنين ووضع عليها بوابة وجعلها خاصة له، فأصبح العمل في الأراضي الزراعية غير آمن".

ويشير إلى أن القرية أصبحت تتبع لبلدية يعبد ولم يعد لها مجلس قروي الذي استمر لـ15 عاما، وبقرار فلسطيني عام 2013، دمج بعض القرى ببعضها أو مع بلديات قريبة.

وبشأن التوسع المعماري في القرية، يوضح أن البناء ممنوع في امريحة، لأن الاحتلال يرفض منح رخص البناء ولا يوجد طريقة قانونية -كما يسميها الاحتلال- تسمح لأهالي القرية بامتلاك عداد للكهرباء أو الماء، لكن الأهالي تحدوا المحتل وأوصلوا الماء والكهرباء إلى قريتهم.