بعد إعلان الملك عبد الله ملك الأردن عن موافقة بلاده على إقامة حلف شرق أوسطي، ضمن شروط، أو بأهداف محددة، بات واضحاً أن عقل هذا الحلف ومفاصله تتكون من الكيان الصهيوني وأمريكا، وجسمه يضم العديد من الدول العربية التي طبعت مع الصهاينة، ولها علاقات دبلوماسية مع العدو، وتدور في فلك السياسة الأمريكية.
أهداف الحلف الشرق أوسطي ليست خافية على أحد، فخدمة الأمن الإسرائيلي هي الهدف الأول لهذا الحلف، ولا يتحقق الأمن الإسرائيلي إلا بالقضاء على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ولتحقيق ذلك، لا بد من ضرب رأس الإخطبوط في إيران، وعدم الاكتفاء بقطع أذرعه، كما صرح بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت.
أما حدود الأمن الإسرائيلي فإنها لا تقف عند فلسطين التاريخية، حدود الأمن الإسرائيلي مسقوفة بالأطماع الإسرائيلية؛ التي ترى العالم يدور في فلك نجمة داوود السداسية، لذلك فإن حلف الشرق أوسطي، ينسجم مع تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن شرق أوسط جديد، تكون فيه الكلمة العليا للصهاينة، وهذا ما يراه الكثير من القادة السياسيين الأمريكيين، الذين يزعمون أن المرحلة القادمة في الشرق الأوسط ستشهد تعديلاً في الحدود، وستختفي دول، ويتغير وجه المنطقة وفق الأطماع الإسرائيلية، وضمن هذا السياق نطرح سؤالين:
السؤال الأول: هل ستكون تركيا جزءاً من هذا الحلف، وقد شهدت العلاقات التركية الإسرائيلية تقارباً ملحوظاً، ارتقى إلى مستوى لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي البديل يائير لبيد مع مسؤول الاستخبارات التركية هاكان فيدان، وفي ذلك إشارة إلى نجاح جهاز الموساد الإسرائيلي في خلق أجواء التقارب، وفي الوقت نفسه خلق أجواء الريبة والشك بين تركيا وإيران؛ ما استوجب تأجيل زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى تركيا لأكثر من مرة.
لقد نجح الصهاينة قبل عشرات السنين في إقامة حلف الضاحية، حلفٌ ضم إيران وتركيا وإثيوبيا، ونجحت (إسرائيل) سنة 1955 بتحريك أمريكا لإقامة حلف بغداد، الذي تزعمته بريطانيا، وضم تركيا وبغداد وإيران وباكستان، وإن نأى ذاك الحلف بنفسه عن الصراع العربي الإسرائيلي، إلا أن قادة الأنظمة للدول المذكورة كانوا من أقرب المقربين للصهاينة في ذلك الوقت.
خطورة انضمام تركيا إلى حلف الشرق أوسطي تكمن في التدمير الذاتي للقوتين الإقليميتين، من خلال تفجير صراع شرير بين تركيا وإيران، لن يخدم إلا الصهاينة.
السؤال الثاني: هل ستكون قيادة منظمة التحرير الفلسطينية جزءاً من حلف الشرق الأوسط الجديد، ولا سيما أن دور المنظمة أكثر أهمية من دور بعض الدول العربية؟ فما دام المستهدف من الحلف هو المقاومة الفلسطينية، فإن تجربة قيادة منظمة التحرير في محاربة المقاومة تؤخذ بالحسبان، وهي ضرورية، فهل ستكون الأجهزة الأمنية الفلسطينية على رأس القوة التي ستحارب المقاومة الفلسطينية، وتقتلعها من غزة والضفة الغربية، لتنتصر على الانقسام بدبابة الحلف الجديد؟
لقد أخبرنا التاريخ أن آلاف المسلحين العرب قد تحالفوا مع الرومان لمحاربة خالد بن الوليد، وكان جبلة بن الأيهم قائداً عسكرياً في جيش الروم، وقاتل جيش المسلمين بضراوة، وقد أخبرنا التاريخ أن الجنرال البريطاني ألنبي، وهو صهيوني الهوى والانتماء، الجنرال ألنبي احتل فلسطين بجيش من الشعب المصري قوامه 100 ألف جندي مصري، أقنعهم بعدالة حربه ضد العثمانيين.
على الشعب الفلسطيني وتنظيماته الفلسطينية سرعة التحرك لإنهاء دور السلطة الفلسطينية الوظيفي، وبكل السبل، ودون تردد، وذلك قبل أن تحرك السلطة الفلسطينية قواتها، بغطاء من حلف الصهاينة الشرق أوسطي، لاقتلاع المقاومة الفلسطينية في غزة وشمال الضفة الغربية.