ولي عهد السعودية محمد بن سلمان يدشن مرحلة جديدة في العلاقات الخارجية على المستويين العربي والدولي. ولي العهد الآن في زيارة لعدة دول، منها: مصر، والأردن، وتركيا. الزيارة فيها أمران:
الأول مغادرة المربع القديم في العلاقات مع هذه الدول، والدخول في فضاء أوسع معها، ولا سيما مع الأردن، وتركيا، حيث تطوي الزيارة مرحلة الجفاء، لمصلحة مرحلة التفاعل المشترك. في تركيا قدموا للتفاعل طي ملف المغدور جمال خاشقجي، الأمر الذي أزاح ثقلا ثقيلا عن عاتق ولي العهد السعودي، ومهَّد لهذه الزيارة، التي قد تأتي بتعاون اقتصادي وسياسي بين الدولتين، حيث صفَّرت الحكومتان في الدولتين المشكلات فيما بينهما، حيث شهدنا الحفاوة العالية في استقبال أردوغان لمحمد بن سلمان.
وفي الوقت نفسه تمكن الرئيس المصري من تمهيد الطريق بين الرياض وعمان، من خلال زيارة ولي العهد واستقبال الملك عبد الله له، حيث شاهدنا ما يدل على أن الجفاء الخفي بين الرجلين قد تلاشى، وحل بينهما وئام عبرت عنه القلادة التي قلدها الملك للضيف الزائر.
والأمر الثاني أن هذا البناء الجديد في العلاقات العربية والإقليمية يمهد طريقا واسعا لتصويب العلاقة مع البيت الأبيض، ودفعه للقبول بالمملكة وولي العهد شريكا رئيسا لأميركا في المنطقة وفي السياسة الخارجية، والدفع بقبول طي ملف خاشقجي، بعد أن طوته تركيا، وطواه أولياء الدم، وعدّ قضيته قضية داخلية يحكم فيها القضاء السعودي فقط. زيارة بايدن تقدم إشارات إلى قبول البيت الأبيض بالموقف السعودي، وقبول ولي العهد شريكا يمكن التفاهم معه في ملفات عديدة تهم البيت الأبيض والمنطقة.
ما جاء في البيان عن زيارة مصر والأردن حول القضية الفلسطينية ودعم حلّ الدولتين هو هامش روتيني يصاحب اللقاءات العربية عادة، وهذا ينبهنا إلى حاجة ولي العهد لأن يلتفت جيدا للملف الفلسطيني لاستعادة دور المملكة كما مارسه من قبله من الحكام، لدعم قدرة الفلسطيني على الصمود، ومقاومة المحتل، وتحقيق المصالح الفلسطينية، التي هي عينها المصالح السعودية والعربية، وتحدي ضغوط التطبيع، وربطها بإزالة الاحتلال على الأقل.
هذا، وثمة قضية إنسانية واجتماعية تتطلب من ولي العهد قرارا جديدا وجريئا يريح أسرا فلسطينية تنتظر العفو الملكي عن أبنائهم المسجونين، لأنهم قدموا مساعدات لحماس كما في لوائح الاتهام. ولا يكتمل ملف تصفير المشكلات، وبناء العهد الجديد، دون الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين.