لا أحد يدرك حجم الأذى النفسي الذي عايشه أهالي قطاع غزة خلال العدوان الأخير على قطاع إلا من ذاق ويلات الحرب، فمشاهد فرق الإنقاذ وهي تشق الأنقاض بأنفاس متقطعة وصور الضحايا مثّل حافزًا لثلاثة طلبة لتصميم روبوت ذكي يعين طواقم الإسعاف والدفاع المدني في الوصول إلى المصابين بسرعة أكبر ويقلص من هامش المخاطرة بحياتهم.
فعلى مدار أشهر طويلة عمل الأخوان راما وأحمد إبراهيم وزميلهم يوسف عقل، وثلاثتهم في مرحلة الثانوية على تصميم روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي، من خلال استخدام أدوات إلكترونية بسيطة متوفرة في بيئتهم.
يتحدث أحمد لصحيفة "فلسطين" بأن الفكرة راودتهم بعد العدوان الأخير على غزة في مايو/ أيار 2021 والذي قضى فيه 232 شهيدًا، حيث واجهت فرق الإنقاذ صعوبات ومعوقات حالت دون وصولها في الوقت المناسب؛ ما عرّض حياة بعض المصابين للخطر، "وأدى إلى فقدان العديد من فرق الإنقاذ خلال تأدية عملهم في إنقاذ المصابين بدلًا من مكوثهم ساعات وأيام تحت الأنقاض".
ويبين أنه من هنا شعروا بمدى الحاجة إلى الاستفادة من الروبوت والذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول تُمكِّن فرق الإنقاذ من الوصول بسرعة إلى المصابين تحت الركام.
ويقول إنه وفريقه توصلوا إلى فكرة اختراع الروبوت بعد انتهاء انقضاء العدوان الذي دام 11 يومًا وقتل فيه 67 طفلًا، وفقد العشرات من المدنيين حياتهم بينما كانوا عالقين تحت الأنقاض.
ويذكر أحمد أن تصميم الروبوت استغرق منهم خمسة أشهر ما بين دراسة الفكرة، والبحث عن بعض القطع الإلكترونية غير المتوفرة، وحتى تصميمه بالشكل الذي عليه.
روبوت من خامات البيئة
في حين يفيد زميله يوسف بأنهم جمعوا الأدوات التي احتاجوا إليها لتصميم الروبوت من خامات البيئة، وهي عبارة عن قطعة بلاستيكية، وبراغي، وعجلات، وتروس، وأسلاك، وأردوينو، ودرايفر، وبطارية وحافظة لها، وكاميرا مثبتة، وبلوتوث، إلى جانب استعمال أدوات إلكترونية من بقايا ألعاب إلكترونية تالفة أو أدوات كهربائية لا يتم استعمالها.
ويمضي إلى القول بأنهم أطلقوا على تصميمهم الذي أنجزوه اسم "روبوت الإنقاذ"، وقد حمل شكل صندوق صغير، يسير على عجلات ويحمل لوحة إلكترونية تساعد في التحكم به عن بعد عن طريق تقنية البلوتوث، ومن خلال تطبيق مثبت على الهاتف المحمول.
ويشرح يوسف عن الروبوت بأنه يتم استخدامه من خلال تحريكه عن بعد في الاتجاهات الأربعة حتى يصل إلى المكان الذي لا يمكن أن يصل إليها الإنسان، مثل الأماكن الخطرة والضيقة، والبنايات المهدمة.
ويتابع: "بمجرد أن يصل الروبوت، المزود بكاميرا وصافرة إنذار، إلى المصاب العالق تحت الأنقاض، يعمل على إصدار أصوات صافرات متواصلة فيما تصل إشعارات على الهاتف النقال الذي يستعمله رجال الإنقاذ في أثناء المهمة".
مهمات
في حين تقول راما إن وجود الكاميرا في الروبوت يساعد على تحديد الأماكن التي يصعب الوصول إليها، وبالتالي اتخاذ قرارات مناسبة من أجل الوصول لها، "فما يميز هذا الروبوت أنه مصنوع من بعض المواد البسيطة المتوفرة، وأنه يعتمد على الذكاء الاصطناعي والأوامر البرمجية، ويمكن أيضًا تطويره في المستقبل".
وتضيف: "يمكن استخدامه في أوقات الكوارث الطبيعية، للاستدلال على المفقودين تحت الأنقاض، ويمكن أيضًا استخدامه في الأماكن الضيقة أو الحفر والآبار، وكذلك يمكن استخدامه في عمليات البناء والكشف عن المتفجرات".
وعن الصعوبات التي واجهتهم أشارت راما بشكل أساسي إلى عدم توفر بعض القطع الإلكترونية، وغلاء أسعار بعضها، وعدم القدرة على توفير الكاميرا المخصصة لهذا الروبوت بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي دخولها القطاع.
هناك مساعٍ من قبل الفريق لتطوير الروبوت وتغيير شكله، ليصبح مثلًا على شكل ثعبان أكثر مرونة للتحرك في المناطق الضيقة، ويطمحون أن يجدوا جهة تتبنى المشروع ليتمكنوا من تطويره بصورة أفضل.
ويشار إلى أن طواقم الدفاع المدني تواجه نقصًا شديدًا في معدات الإنقاذ، حيث ترفض سلطات الاحتلال معدات ضرورية لعمليات إنقاذ الحياة تحت الأنقاض، مثل البزة الوقائية التي يرتديها رجل الإطفاء، ومعدات أجهزة التنفس، ومعدات فصل طبقات الباطون عن بعضها "فرشات الهواء"، إضافة إلى معدات أخرى تجري الحاجة إليها وقت المنخفضات الجوية كمضخات شفط المياه ذات القدرة العالية.