تُطل الوالدة المكلومة من باب منزلها في قرية فقوعة شرق جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، مع أول أيام تقديم طلبة الثانوية العامة امتحاناتهم، علّ ابنتها حنان تعود من قاعة الامتحانات مبتسمة تبشرها بما خطه قلمها في ورقة امتحان اللغة العربية "الورقة الأولى" التي تقدم إليها عشرات آلاف الطلبة أمس.

لا يزال طيف طالبة الثانوية العامة الشهيدة حنان خضور يرافق والدتها عبير (44 عاما) بعد ارتقائها برصاصة قناص من جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنين، في أبريل/ نيسان الماضي.

وحرمت جريمة الاحتلال "حنان" من الخطوة الأولى نحو تحقيق أحلامها وأمنياتها بإنهاء الثانوية العامة بامتياز والمضي في الحياة الدراسية الجامعية لتلج تخصص "التسويق" الذي أحبته.

والدتها عبير أوضحت في حديثها لصحيفة "فلسطين" أنها نظمت زيارة إلى مدرسة الخنساء الثانوية التي كانت تدرس فيها ابنتها حنان، قبل يومين من بدء تقديم الطلبة امتحانات الثانوية العامة.

وأشارت إلى أن معلماتها أكدن أنها كانت طالبة متفوقة ومثابرة، وتوقعن لها معدلا فوق الـ90%، قائلة: "قدمت المعلمات لي الشكر على أدبها وحسن أخلاقها وتربيتي الحسنة لها".

ولفتت إلى أن زميلاتها منذ يوم استشهادها قبل نحو شهرين لم يدخلن الفصل الدراسي، حزنا وألما على فراقها، كما أن رحيلها أوجد فراغا وحالة لا يمكن تصديقها.

وذكّرت بيوم إصابتها برصاص الاحتلال، حين خرجت من المنزل لتتلقى آخر درس تقوية لها في اللغة الإنجليزية، إذ حاولت منعها نظرا لوجود اقتحام في مدينة جنين.

وأضافت: "مرت من أمامنا 18 آلية من آليات جيش الاحتلال، وقلت لها أعان الله أهل جنين على ما سيشهدونه من جرائم بحقهم، وحاولت منعها من الخروج، فردت بأنه آخر درس ولا يمكن إضاعته، وطلبت مني ألا أكسر خاطرها وأن أسمح لها بالخروج حبا في النجاح وإدخال الفرحة علينا".

وتابعت أنها خرجت بسلام، لكن رصاصة إسرائيلية غادرة مزقت جسدها في إحدى السيارات العمومية وأقعدتها في المستشفى 9 أيام ثم استشهدت على إثر الإصابة الخطرة.

وأوضحت أن حنان هي الابنة الأولى من بين أفراد العائلة التي كانت ستخوض تجربة الثانوية العامة، حيث كانت متحمسة ومُحبة للدراسة والعلم، مردفة: "كنت أكثر من يجلس معها لاختبارها فيما أنجزته، كما أن زوجي وجميع أبنائي عملوا على توفير الظروف المناسبة لها".

"لا نقول إلا ما يرضي ربنا، حسبنا الله ونعم الوكيل في كل ظالم، ربنا ينتقم منهم المجرمين اليهود"، مشيرة إلى أن حالة من القهر تسود في بيتها خصوصا مع بدء طلبة الثانوية العامة تقديم امتحاناتهم.

أما والد الشهيدة حنان، محمود (55 عاما)، لم تسعفه الكلمات للحديث عنه، لكنه أوضح بعد إلحاح أنها كانت طالبة مجتهدة ومثابرة في دراستها.

ولفت إلى أنها كانت تسعى بقوة إلى تحقيق حلمها عبر التفوق في الثانوية العامة والالتحاق بالجامعة، مشيرا إلى أنها حددت التخصص الذي ترغب في دراسته وهو "التسويق"، واتجهت إلى الفرع التجاري في التوجيهي للوصول إلى هدفها، لكن الاحتلال كتم أنفاسها وقتل أحلامها.