رب ضارة نافعة، وربما تكون جريمة إغلاق المسجد الأقصى فيها بعض النفع، لما تلاها من ردود قوية، ومازالت تتصاعد، ليعلم كل من تسول له نفسه أن المساس بمقدساتنا له تبعات لا يستطيع تحملها العدو الإسرائيلي، وكذلك المتخاذلون عن نصرته ممن يفترض فيهم التمسك به والعمل على تحريره، فإن كان حرمان الفلسطينيين الوصول إلى الأقصى بـ"الإغلاق" استدعى دولًا عربية وغربية لاحتواء الغضب الفلسطيني؛ فما الذي سيتسبب به _لا قدر الله_ "هدمه" أو العبث به وتقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا؟!، ونحن حتى هذه اللحظة لا ندري إلى أي حد قد تتطور الأحداث وتتسارع، مع التنازلات التي بدأ العدو الإسرائيلي يقدمها للوصول إلى حل يضمن أقل قدرًا من الإحراج.
استمرار تصاعد الأحداث نصرة للأقصى والمقدسات الإسلامية سيؤدي حتمًا إلى فتحه كسابق عهده، وأعتقد أيضًا أن الاستفزازات الإسرائيلية ستنخفض، لأن عملية الأقصى ما كانت إلا ردًّا على تدنيسه، ولو كان الرد معدومًا أو ضعيفًا لتوقعنا المزيد من الإجراءات ضد المقدسات والمسلمين، وكذلك أي عمل خطأ من جانب الفلسطينيين حاليًّا من شأنه أن يؤدي إلى نتائج عكسية وضد مصالح الشعب الفلسطيني، محاولة تصعيد التوتر الداخلي واستحضار قضية المصالحة (ليس حبًّا فيها) هو عمل خطأ، ولا يعقل أن نستخدم المناكفات السياسية ثم ندعي أنها من أجل الأقصى ونصرة أهله، ونسمع أيضًا تصريحات غريبة توهم الفلسطينيين أن المصالحة على وشك الإنجاز، وأن الفصائل كافة دعيت إلى اجتماع المجلس الوطني، والحقيقة أن كل تلك الأخبار عارية من الصحة، ولا هدف منها إلا خلط الأوراق، وربما إشغال الناس عن انتفاضة القدس والدفاع عن الأقصى، ولهؤلاء نقول: إن الدفاع عن الأقصى مقدم على مصالحة لا تريدون إتمامها عن سابق إصرار، ولو أردتموها لكانت، أما شعبنا فإنه متصالح مع نفسه ومع مقدساته وقضيته، وإلا لما رأينا ما رأيناه خلال الأيام الماضية.