كقُطّاع الطرق بل أكثر، حطَّ الاحتلال الإسرائيلي على آمال رائد ريان بعدما منعه من بناء بيت وأعاد اعتقاله مجددًا.
يواجه ريان اليوم اعتقاله الإداري بأمعائه الخاوية، لليوم السابع والستين على التوالي من أجل انتزاع حريته، والعودة إلى حياته الطبيعية ليكمل مشواره في بناء بيته وتكوين أسرة جديدة، ولكن تجديد اعتقاله المتكرر يحول بينه وبين حلمه.
ريان (28 عامًا) من قرية بيت دقو شمال غرب القدس المحتلة، أعلن إضرابه المفتوح عن الطعام في عزله الانفرادي في سجن "عوفر"، احتجاجًا على تجديد اعتقاله الإداري للمرة الثانية، بعد ستة أشهر من اعتقاله.
تقول والدته هديل لصحيفة "فلسطين": إن الفرحة لم تسع قلبه لحظة بدئه في بناء بيته الخاص وتجهيزه، ولكن الاحتلال حرمه إتمام فرحته باعتقاله إداريًّا دون توجيه أي تهمة له، ففي اليوم الثاني له من حفر أساسات البيت اعتقله.
وتضيف: "ظلم الاحتلال لم يسمح لرائد باستكمال تحقيق أحلامه التي رسمها للمستقبل، ببناء بيت وأسرة خاصة به".
واعتقل ريان للمرة الأولى عام 2019 في 17 يوليو/ حزيران، وحكم عليه بالسجن 6 أشهر إداريًّا، وفي يوم الإفراج عنه أخبره الضابط الإسرائيلي لحظة خروجه بأنه لن يمر عليه أكثر من 6 أشهر خارج الأسر وسيعيد اعتقاله، وبالفعل أعاد اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني لعام 2021، وجدد له الحكم مرتين.
تجدُّد الاعتقال الإداري دون أي تهمة دفع ريان لخوض إضراب مفتوح عن الطعام، لتعيش عائلته في حالة من الخوف والقلق على مصير ابنها التي باتت حالته تسوء يومًا عن الآخر، تتابع والدته: "عندما كنت أتابع أخبار إضراب الأسيرين كايد الفسفوس وهشام أبو هواش عن الطعام وحالة من الحسرة والألم تتملكني، وأبكي عليهم بحرقة، وأدعو لهم بالإفراج والصحة، فكيف سيكون حالي وأنا أتابع حالة ابني".
بيت بلا روح
وتحاول وصف حال البيت الذي أشبه بالطوارئ بفعل غياب رائد وإضرابه عن الطعام، فلا نذهب لأي مناسبات أو أفراح، فلا يخرجون من البيت إلا للضرورة، وما يزيد حال الأم سوءًا أنها منذ اعتقاله حتى اليوم تنتظر الرد على طلبات الزيارة لابنها التي يقابلها الاحتلال بالرفض.
وتمضي والدته بالقول عن بكرها رائد: "شاب مثقف ومتعلم خريج خدمة اجتماعية من جامعة القدس "أبو ديس"، ومتعاون، ومحبوب من الجميع، ويحب الوطن والدفاع عنه، لم يجد فرصة عمل له في نطاق تخصصه فعمل في البناء، عدا عن أنه هادئ".
وتربط الأم علاقة قوية بنجلها فهو صندوقها أسرارها، فعلاقتهما أكثر من أم وابن؛ لتتعدى إلى صداقة مبنية على ثقة متبادلة بينهما.
وحال شقيقته جنان لا يختلف كثيرًا عن والدتها التي تفتقد رائد بكل ركن في البيت، خاصة أنه اجتماعي ويحب مشاركة الناس في أفراحهم وأحزانهم.
وتقول: "أفتقده اليوم في كل تفاصيل حياتي فهو من اعتدنا عليه عمل المفاجآت لأجل إدخال السرور على قلوبنا، ووقفته بجانبي في يوم إعلان نتائج الثانوية العامة، ومشاركته فرحتي، وإدلائه بنصائح لاختيار التخصص الجامعي".
وتضيف: "تربطني معه علاقة قوية وقريبة فهو أقرب من الرمش على العين، خاصة أنه شقيقي الأكبر وله معزة خاصة في قلبي (...)غيابه المتواصل عن البيت جعل الرتابة والحزن تخيم على أجواء حياتنا، فالاحتلال ينغص على جميع أفراد عائلته باعتقاله للمرة الثانية دون تهمة، فيفتقدونه على مائدة الطعام، وحين إعداد الأكلات التي يفضلها، وفي الأعياد والمناسبات".
وبسبب إضرابه عن الطعام تسوء حالة رائد الصحية يومًا عن الآخر، فبات لا يستطيع المشي والوقوف على قدميه، ويتقيأ دمًا ومادة صفراء، ولم يعد جسده يتقبل الماء، ويعاني من صداع مستمر وآلام في الرأس والمفاصل، وضعف في الرؤية والسمع، ولا يقوى على النطق حتى أنه طلب من إدارة السجن ورقة وقلم فرفضوا.
ما تؤمن به جنان أن أخاها سينتصر في معركته على السجان بأمعائه الخاوية وسينتزع حريته رغمًا عنهم، وترسل له رسالة: "ربنا سيفك أسرك، لا تخاف نحن همتنا عالية، فلا تستسلم وحافظ على معنوياتك العالية فلن تخذل".
ولا يزال الاحتلال يضرب بالقوانين الدولية عرض الحائط بممارسته لسياسة الاعتقال الإداري بحق أسرى فلسطينيين، دون توجيه أي تهمة أو تقديم للمحاكمة.