فلسطين أون لاين

تقرير فطر "الشامبنيون" حلم حوّله "الهجين" إلى حقيقة

...
الشاب أحمد الهجين يقف وسط غرفة انتاج الفطر
غزة/ مريم الشوبكي:

طالما كان أحمد الهجين شغوفًا بالفطر وأنواعه المختلفة منذ الصغر، فهو من الجيل الذي تربّى على المسلسل الكرتوني "السنافر"، وكبر الشغف داخله حتى أصبح حلمًا استطاع تحقيقه بزراعته بنفسه في قطاع غزة تحت اسم "فطر الهجين".

عملية تنقيب وبحث قادها مهندس الميكاترونكس على مدار ثمانية أشهر للبحث عن فطر لا يُزرع في القطاع، وذي جودة عالية، حتى اهتدى في النهاية إلى نوع "شامبنيون"، وواجه صعوبات جمّة حتى استطاع استيراده من إيطاليا.

مضت أربع سنوات على تخرج الهجين ولم يجد فرصة عمل في تخصصه، وعمل في مسار آخر بعيدًا عن تخصصه، ولكنه في النهاية توقّف لأنه لم يجد مردودًا ماديًّا مُجديًا يُعوّل عليه، لذا بحث عن مشروع رياديٍّ يُحقّق نقلة نوعية في حياته.

الشامبنيون فطر حساس، طريقة زراعته صعبة للغاية، ولكن في المقابل يعطي إنتاجًا غزيرًا، فهو يحتاج إلى ظروف مناخية معينة، وتمكن من صناعة غرفة مغلقة فيها أجهزة تحكم بدرجة الحرارة، ونسبة الرطوبة، وثاني أكسيد الكربون.

يُبيّن الهجين أنه استعان بخبراء ومختصين زراعيين من الخارج، لإرشاده نحو أفضل أنواع الفطر، وتعليمه كيفية زراعته، والظروف الملائمة لنموه بطريقة صحيحة، إضافة إلى إرشاده لطريقة معالجته للأمراض التي قد تصيبه.

ويوضح أنه في ديسمبر من عام 2021م استطاع إدخال أول شحنة تقاوي فطر، بعد صعوبات وعراقيل عدة من الجانب الإسرائيلي.

ويلفت الهجين إلى أنه قبل استيراد الفطر حصل على ترخيص من وزارة الزراعة، والتي أدرجته في قائمة الأصناف الجديدة، وتم اعتماده من قِبل خبرائها.

وإدخاله عن طريق حاجز بيت حانون "إيرز" عقبة كبيرة واجهها الهجين، فشحنة التقاوي يتم شحنها عن طريق المطار لأنها تحتاج إلى درجات حرارة منخفضة، وتمّ التغلب على الأمر عن طريق تاجر من الضفة الغربية ساعده في استيرادها.

لم تتوقف العوائق عند هذا الأمر، فحينما وصلت الشحنة، حجزها الجانب الإسرائيلي وأخضعها للفحص، مما اضطرّ الهجين إلى إعادة المطالبة بإدخال الشحنة ونجح في النهاية.

ويلفت الهجين إلى أنّ التقاوي يتم إنتاجها في مختبرات الجامعة الإسلامية، ومن ثم تم نقلها إلى غرفة بمساحة 20 مترًا صمّمها بنفسه، وأنتجت طنًا واحدًا، وتم تسويقها في المولات، والأسواق، والمطاعم.

ويُنبّه إلى أنّ الفطر كائن شديد الحساسية يُمنع لمسه باليد، ويخضع قاطفه إلى التعقيم، ويلبس رداءً معقّمًا حتى لا تنتقل الميكروبات إلى الثمرة وتفسد.

في قطاع غزة لا يُعرف الفطر على نطاق واسع من قِبل المستهلكين لربّما لارتفاع سعره مقارنة بالقدرة الشرائية لدى سكانه، ويعتمدون على شراء المعلب منه.

وبعدما حقّق مشروع الهجين نجاحًا، طالبه الزبائن بزراعة أصناف جديدة، وبالفعل أدخل ثلاثة أصناف فطر جديدة تم استيرادها من إيطاليا، وزاد المساحة المزروعة إلى 100 متر، والتي تنتج ثلاثة أطنانًا حاليًّا.

ويؤكد الهجين أنّ فطر الشامبنيون الذي يُنتجه أصبح منافسًا قويًّا من حيث السعر، والجودة للمنتج الإسرائيلي الذي كان يسيطر على الأسواق الغزّية.

وعن الصعوبات التي تواجه مشروع "فطر الهجين"، يذكر أنّ انقطاع الكهرباء يؤثر في سير عملية الإنتاج لأنه يحتاج إلى طاقة على مدار الساعة، إضافة إلى نقص الخبرة في كيفية زراعته والتعامل معه، مع صعوبات في تسويق المنتج في بداية الأمر.

واجَه الهجين الكثير من الانتقادات في بداية مشروعه نظرًا لتكلفة المشروع العالية التي وصلت لـ13 ألف دولار، ولكنه لم يلتفت لتلك الأقوال المثبّطة، وآمن بحلمه، واليوم هم منبهرون بالنجاح الذي استطاع تحقيقه.

وينصح الشباب بأن يسعوا وراء حلمهم، حتى يحقّقوه، فلا مستحيل في غزة، ولكن هناك صعوبات ستعرقلهم ولكنها ستضيف لهم الكثير من الخبرة، والمعرفة، والإرادة في النهاية ستنتصر على كل شيء.

ويختم حديثه: "في البداية خسرت نصف مشروعي، ولكني لم أيأس، ولم أستسلم للتحديات، فغزة ليست مقبرة المشاريع كما يعتقد البعض، وإنما يحتاج الشخص إلى التنقيب عن المعرفة التي باتت متاحة في الانترنت، والتي هي كفيلة أن تصنع إنسانًا مبدعًا، وفعالًا".