في دولة الاحتلال احتفال دبلوماسي. الاحتفال جاء بانتخاب (أردان) سفير دولة الاحتلال في الأمم المتحدة نائبًا لرئيس الجمعية العامة في دورتها الـ(٧٧)! وفي تعليق (أردان) على انتخابه قال: "هذا انتصار مهم سيعطينا منصة أخرى لتقديم الحقيقة حول (إسرائيل) ومساهمتها في العالم على الرغم من المحاولات المستمرة للفلسطينيين والدول المعادية في الأمم المتحدة للعمل ضدنا"!
قبل مقاربة المضمون نقول إن المعترضين على انتخاب أردان دولتان هما (سوريا وإيران)، وهذا يعني أن الدول العربية لم تعترض. وهي إما أيدت، وإما امتنعت عن التصويت! وعليه يمكن للشعب العربي أن يشعر بخيبة أمل من الأداء السياسي لأنظمته الحاكمة، لأن الامتناع عن التصويت، أو التأييد (لأردان) يعني أن الأنظمة العربية تقبل بدولة محتلة للأراضي الفلسطينية، وتعمل ضد إسلامية المسجد الأقصى، وترفض تنفيذ القرارات الدولية أن تكون حارسة لمبادئ الجمعية العامة للأمم المتحدة! مؤسف.
الجمعية العامة التي أدانت احتلال الأراضي الفلسطينية، وشجبت حصار غزة، والحروب المتكررة ضدها، وسجلها في حقوق الإنسان مشين -تقبل اليوم أن تكون الدولة المارقة، والمتمردة على القانون الدولي، في قمة هرم الجمعية العامة بالانتخاب!
لا شك في أن انتخاب (أردان) في هذا المنصب يشكل صدمة لكل فلسطيني وعربي وحر وصاحب قيم، نعم هي صدمة مزدوجة: أخلاقية وسياسية، رغم أن المنصب لا يعد شيئا كبيرا، بل إن الجمعية العامة العاجزة أمام مجلس الأمن لا تعد شيئا كبيرا.
إن الإشارات الرمزية جعلت (أردان) يصرح مفتخرا بأن هذا انتصار مهم، سيعطينا منصة أخرى لتقديم الحقيقة حول (إسرائيل) ومساهمتها في العالم!".
هذه الحقيقة نعرفها نحن الفلسطينيين جيدًا، (فإسرائيل) لم تقدم شيئا حقيقيا مفيدا لاستقرار العالم، بل العكس هو الصحيح. (فإسرائيل) مشعلة للحروب، وللعداوات في العالم العربي، بل وفي العالم، فحيثما وقعت حرب يكون (لإسرائيل) أصبع فيها!
حقيقة (إسرائيل) يعرفها الفلسطيني، وتعرفها جيدا مؤسسات حقوق الإنسان، ولجان تقصي الحقائق المعنية بالأرض الفلسطينية التي شكلت بعد حرب مايو ٢٠٢١م والتي أصدرت تقريرها بالتزامن مع انتخاب (أردان)، إذ أكد التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، والتمييز ضد الفلسطينيين سببان جذريان وراء التوترات المتكررة وعدم الاستقرار وإطالة أمد النزاع، وإن الإفلات من العقاب، والتهجير القسري، والاستيطان، والحصار، كلها عوامل مؤدية إلى تكرار دوامة العنف".
هذه هي حقيقة (إسرائيل) كما يعرفها الفلسطيني، وكما قررتها لجنة تقصي الحقائق في أحدث تقرير لها، وتؤكدها مؤسسات حقوق الإنسان أيضا، ولست أدري عن أي حقيقة يتكلم أردان الذي يريد أن يغزو بها العالم من خلال المنصة الجديدة؟! لقد بات الذئب مسؤولًا عن الغنم!