فلسطين أون لاين

بمعركة الحفاظ على الذات الفلسطينية.. تقاوم "رأس جرابا" زحف "ديمونا"

...
قرية رأس جرابا في النقب المحتل
​​​​​​​ النقب المحتلة/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

منذ أبصرت عينا الحاج فريج الهواشلة (84 عامًا) النور وهو يعيش في قرية رأس جرابا في النقب المحتل، فهي أرض الآباء والأجداد، كان يعيش وأهله فيها بسلام إلى أنْ أتى المستوطنون اليهود من بقاع العالم المختلفة ليغتصبوا جزءًا كبيرًا من أراضي عشيرته ويقيموا عليها مستوطنة "ديمونا"، ولم يتبقَ لهم سوى قرابة ثلاثمائة دونم، يعيش فيها هو ومَنْ تبقّى من العشيرة بعد نكبة 1948م.

ورغم كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتهجيرهم منذ قرابة 74 عامًا فإنّ أهالي القرية ظلّوا متمسّكين بأراضيهم، "فرؤية مواشينا وهي ترعى في الأرض بالنسبة لي إطلالة صباحية أجمل من كلّ إطلالات العالم".

يقول الهواشلة: "هنا وُلدنا وهنا نتمنّى أن نُدفن في حضن أرض آبائنا وأجدادنا، يحاولون إخراجنا منها بالقوة لزرع مستوطنين بدلًا منا، رغم أننا أصحاب الأرض الأصليين وموجودين فيها من قبل الاحتلال بآلاف السنين".

ورفض أهل "جرابا" كلّ عروضات الاحتلال لمنحهم أراضٍ بديلة أو إسكانهم في شقق سكنية، "لا يمكننا تغيير نمط حياتنا، فنحن البدو لا حياة لنا إلا في الخلاء ورعي الأغنام".

ويُضيف: "ألا يكفيهم أننا محرومون من كل التطور الموجود في عصرنا الحالي، فلا كهرباء ولا ماء ولا طرق معبدة (...) لا نستطيع النوم خوفًا من أنْ يباغتونا فجأة ويهجرونا في ظل عدم وجود أي نصير لنا".

فيما يروي لـ"فلسطين" رئيس اللجنة المحلية في القرية "مسلوبة الاعتراف" موسى الهواشلة "55 عامًا" جزءًا من معاناة القرية مع قضاء الاحتلال المستمر منذ عام 2018 م حينما فاجأهم بقرارات إخلاء وهدم لكلّ بيوت القرية، "منذ ذلك الحين ونحن ندور في أروقة المحاكم لوقف أمر الترحيل دون جدوى!".

ويضيف: "هذه أرض آبائنا وأجدادنا ونحن موجودون فيها قبل إنشاء مستوطنة "ديمونا"، لكنّ الاحتلال يريد توسيع المستوطنة بالاستيلاء على أراضينا التي لا تتجاوز الـ350 دونمًا، لم يكتفِ بظلمنا طوال العقود الفائتة بحرماننا من كلّ مظاهر التطور الحضاري من ماء وكهرباء وطرق معبّدة بل ويريد اليوم ترحيلنا".

إجهاز على الحياة

ويشير الهواشلة إلى أنه في خضمّ الصراع القانوني بين أهل القرية وقضاء الاحتلال، جاء مجموعة من المستوطنين اليهود للعيش في مكان قريب من القرية "قبيل عامين" فما كان من سلطات الاحتلال إلا أنْ بنت لهم البيوت وأمدّتهم بكلّ الخدمات في وقت قياسيٍّ جدًّا.

بينما يُعاني أهالي القرية نقص الخدمات، يقول الهواشلة: "حتى إنّ أبناءنا في رياض الأطفال والمدارس يقطعون مسافات طويلة جدًّا للوصول إلى مدارسهم في قرية "قصر السر" المجاورة، يسلكون طرقًا غير معبّدة في حرّ الصيف وبرد الشتاء، بينما ينعم أطفال "ديمونا" بكلّ وسائل الترفيه".

ففي بيوت مسقوفة بألواح الصفيح "بالزينقو" يُعاني أهل قرية رأس جرابا حرّ الصيف وبرد الشتاء، "لا نستطيع إدخال أيّ تعديلات على بيوتنا، أو حتى البناء لأبنائنا الشباب الذين يريدون الزواج، فآليات الاحتلال تأتي مباشرة لهدمها".

وتقع قرية راس جرابا مسلوبة الاعتراف على بعد نحو 3 كلم إلى الشرق من مستوطنة ديمونا، ويسكن فيها أبناء عائلات الهواشلة وأبو صلب والنصاصرة، حيث تُخطّط ما يسمى بـ"سلطة توطين البدو" الإسرائيلية إلى نقلهم إلى قرية قصر السر المجاورة، لتوسيع "مستوطنة ديمونا".

وتنقص هذه القرية، كبقية القرى مسلوبة الاعتراف في النقب، الخدمات الأساسية، من بينها المؤسسات العامة والخدماتية والمياه والكهرباء، حيث يقوم السكان بنقل الماء على حسابهم الخاص واستعمال الطاقات الشمسية من أجل مدّ بيوتهم بشبكة الكهرباء.