فلسطين أون لاين

كي نعيش بأمان

ونحن مقبلون على إجازة الصيف تعد تربية ورعاية الأبناء من أهم المسئوليات الملقاة على عاتق الأسرة اليوم، في ظل الانفتاح غير المسبوق الذي نعيش، مما يكسب الأبناء السلوك والأفكار التي لا يكون للأسرة دور فيها،  وشعبنا الفلسطيني أشد ما يكون بحاجة للتربية الأمنية الصحيحة لتعرضه لاستهداف دائم من العدو الصهيوني للنيل من أبنائه وحرفهم عن مهمتهم المتمثلة في الدفاع عن مجتمعهم ووطنهم ضد المكائد الصهيونية المتجددة والمتلونة، والمسؤولية الأولى في حفظ أمن المجتمع تقع على الأسرة؛ لأنها مصنع المواطنين ومكان إعدادهم؛ لذا يجب على الأسرة أن تعي دورها تماماً تجاه أمن المجتمع، وأن تقوم بواجبها خير قيام، وإلّا حصل خلل وقصور يؤديان إلى نتائج سلبية لا تحمد عقباها تجاه الأمن المطلوب.

وتقع مسؤولية تربية الأبناء على الوالدين في المرتبة الأولى وهذه التربية تبدأ منذ الصغر، يقول الله تعالى: "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيراً".

والتربية تشمل دين الإنسان ودنياه، يقول السعديّ – رحمه الله – في تفسير هذه الآية: " أيّ ادع لهما بالرحمة أحياءً وأمواتاً جزاء على تربيتهما إياك صغيراً، وفهم من هذا أنه كلما ازدادت التربية ازداد الحق، وكذلك من تولى تربية الإنسان في دينه ودنياه تربية صالحة من غير الأبوين فإن له على من رباه حق التربية".

ونفهم من ذلك أن تربية الأولاد وإن كانوا صغاراً لا تعني توفير الطعام، والشراب، والكساء، والعلاج وغير ذلك من أمور الدنيا فقط، بل تشمل كذلك ما يصلح دين الإنسان فيسعد في الدنيا والآخرة، وأهم ما يبدأ به المربي في تربية الصغير هو: التربية العقدية فإذا صلحت العقيدة صلح ما سواها من أمور، ومن أساسيات العقيدة التي يجب على الأبوين تربية أولادهم عليها حـب الله -سبحانه وتعالى- وحـب نبيه محـمد –صلى الله عليه وسلم– وامتثال أمرهما واجتناب النواهي، وكذلك حب الآخرين وحفظ أموالهم، وأرواحهم وأعراضهم والأحاديث الواردة في هذه المعاني كثيرة ففي الحديث: عن ابن عمر –رضي الله عنهما– قال: "قال النبي –صلى الله عليه وسلم– بمنى: أتدرون أيَّ يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال فإن هذا يوم حرام. أتدرون أيَّ بلد هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: بلد حرام. أتدرون أيَّ شهر هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهر حرام. قال: فإن الله حرَّم عليكم دِماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".

ففي هذا الحديث توجيه نبويّ كريم يوجب على الآباء والأمهات تربية أولادهم منذ الصغر على مضمونه وعدم التساهل والتهاون بما جاء فيه، والتطبيق التربويّ لذلك هو زجر الصغير ونهيه إذا خالف أيًّا من المحرمات الواردة في الحديث، فلا يقبل الأبوان منه غيبة إنسان، ولا أخذ حق إنسان أيًّا كان بغير وجه حق، وإذا حصل منه ذلك يبادر الوالدان بالتنبيه بخطورة ما قام به، ويأمرانه أن يتوب ويستغفر الله، وينهيانه عن فعله مرة أخرى، فإذا رُبِّي النشء على هذا الهدي النبويّ فإنه يعيش في أمان مع نفسه ومع الآخرين في المجتمع.