فلسطين أون لاين

هل كان تعيينه سبب تأجيل المؤتمر العام "الثامن" لفتح؟

تقرير عقب تجهيز كرسي الوراثة لـ"الشيخ".. عباس يشعل فتيل نيران الخلافات الفتحاوية

...
"عباس" و"الشيخ" - أرشيف
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تثار التساؤلات حول أسباب تأجيل المؤتمر العام "الثامن" لحركة فتح، لكن تعيين عضو اللجنة المركزية للحركة حسين الشيخ أمينَ سر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بشكل استباقي للمؤتمر قد يقرب الإجابة أكثر، فهو المنصب الذي تولاه رئيس السلطة محمود عباس في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات آنذاك، لتشتعل فتيل الخلافات الداخلية بين أقطاب الحركة من جديد فيما يعرف بصراع "الوراثة" على منصب رئيس السلطة.

يرتبط ما سبق في إطار الصراع داخل أروقة السلطة مع ما أثارته تسريبات مصدرها بشكل أساسي الإعلام العبري عن نية رئيس الحكومة برام الله محمد اشتية تقديم استقالته، بضغط من الشيخ لتهيئة الأجواء لإحلال الرئيس السابق لصندوق الاستثمار المقرب من عباس، محمد مصطفى مكانه.

بعد تجربة المؤتمرين الأخيرين لفتح، السادس في أغسطس/ آب 2009 والسابع في نوفمبر تشرين الثاني 2016، لم يعد المؤتمر العام للحركة محل اهتمام، لا فتحاويا ولا وطنيا، وفق ما قاله الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم أبراش.

وعزا أبراش في مقال نشره أول من أمس غياب أهمية مؤتمر فتح إلى الخلافات الداخلية وضعف التنظيم، والإجراءات العقابية التي يمارسها المنتقدون من أعضاء اللجنة المركزية ضد المعارضين لهم، وتفرُّد بعض أعضاء اللجنة باتخاذ القرار الفتحاوي، وبقاء ما صدر عن المؤتمرين الأخيرين من قرارات وبرنامج سياسي حبرًا على ورق كما هو حال قرارات المجلس المركزي للمنظمة، واتخاذ القرارات بعيدا عن رأي القواعد.

خلافات سابقة

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف أن الخلافات والتباينات داخل حركة فتح سابقة لتعيين الشيخ أمينا لسر اللجنة التنفيذية للمنظمة، إذ برزت في الخلاف مع محمد دحلان، ومحاولة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأسير مروان البرغوثي الترشح للرئاسة، وإقصاء ناصر القدوة ومعاقبته، وترشح ثلاث قوائم رسمية لفتح إلى جانب قوائم مستقلة محسوبة على الحركة في الانتخابات التي ألغاها عباس أخيرًا.

وحتى في السعي للمصالحة مع حركة حماس، كما يقول عساف لصحيفة "فلسطين"، برز أكثر من اتجاه، فالبعض لا يريد مصالحة، والبعض الآخر يرى إمكانية في ذلك، إلا أن تفرُّد عباس يعمق هذه التباينات والخلافات، إذ صادر دور الهيئات الحركية والوطنية وعطّل عقد مؤتمر حركة فتح لأنه "يريد هيئات مطاوعة في يده".

وينسحب الأمر كذلك بشأن التنسيق الأمني وإلغاء الانتخابات التشريعية والرئاسية، إذ هناك أوساط كثيرة ووازنة في حركة فتح ترى في الانتخابات داخل الحركة أو على الصعيد الوطني مخرجًا من الأزمة التي تعصف بالحركة والقضية الوطنية، وتقليص امتدادات الحلقة المحيطة بعباس التي تمارس كل الموبقات بحق الشعب والقضية وصولا للتفريط، والكلام لعساف.

ويرى أن هذا المشهد ينعكس على فتح كونها حتى الآن لم تتمكن من وضع خط فاصل بينها وبين سياسات عباس، وهذا بدوره انعكس على مكانتها في أوساط شعبنا خلال الانتخابات المحلية والمهنية وانتخابات مجالس الطلبة التي كان آخرها بيت لحم وبيرزيت.

وأكد أن عباس لا يهمه اتجاهات القضية وما ستؤول إليه حركة فتح، بل يهمه أولا وآخرا مصالح أسرته وأبنائه، ولعل أفضل مقولة بشأنه أنه "يبيع وهمًا ويشتري وقتًا حتى وفاته".

استشعار الخطر

وقال المتحدث باسم التيار الإصلاحي في فتح عماد محسن: إن شعبنا ملّ من التعيينات في المؤسسات التمثيلية، والأصل تنظيم انتخاباتٍ للمجلس الوطني، ومن ثم انتخاب المجلس المركزي، وبعدها انتخاب اللجنة التنفيذية، ولاحقاً يتم التوافق وطنياً على مسميات أعضاء هذه اللجنة.

وأضاف محسن لـ"فلسطين" أن كوادر حركة فتح يستشعرون الخطر الذي يحدق بالديمقراطية الفلسطينية وديمقراطية غابة البنادق التي أسستها الحركة من حيث تجاوز كل الأطر الوطنية والفتحاوية والذهاب إلى خياراتٍ وشخوصٍ لا يحظون بأي شعبية أو جماهيرية في أوساط شعبنا الذي لم يعُد يقبل أن يُملي عليه أحدٌ خياراته. 

ويعتقد أن الاستمرار في هذا المنهج الأحادي المتفرد سيؤدي إلى فوضى عارمة وكارثة محققة، مشددًا على أنه ينبغي الوقوف عند هذه النقطة والانطلاق في مسيرة الارتهان إلى الإرادة الشعبية في اختيار من يشغلون المواقع التمثيلية لشعبنا.

وتؤكد المؤشرات أن شخصية الشيخ أمليت على عباس، وهذا ما يخلق فوضى عارمة لها تداعيات خطيرة، وهو ما يؤكده محسن أيضًا، أن الخيارات التي تتم بالتعيين وبعيدا عن إرادة شعبنا تكون على شكل إملاءات، وعباس يدرك هذه الخطورة، لكن التقاء المصالح يجعله يدير ظهره لأي كوارث قادمة لا محالة.

تعيين معيب

ووصف عضو المجلس الوطني عصمت منصور طريقة تعيين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة بدون تصويت اللجنة ومشاورة الفصائل كون هذا المنصب وطنيا بـ"الأمر المعيب".

وقال منصور لـ"فلسطين": إن شخصية "الشيخ" غير مجمع عليها وطنيا بل عليها ملاحظات كثيرة، ووضعه في هذا الموقع وبهذه الطريقة يضعف منظمة التحرير والثقة فيها، وله انعكاسات سلبية على دورها وأدائها وصفتها التمثيلية التي أصبحت فارغة من مضمونها.

وأضاف أنه من الواضح أن الطريق التي جرى فيها اختيار الشيخ بهذا التفرد ينسجم مع سياسة عباس وتوجهاته بالمضي بالنهج ذاته، أي أن الاختيار على طريق الولاء، مشيرا إلى وجود حالة تنافس شديدة بين رموز فتح واللجنة المركزية على المناصب القيادية، ما يؤثر ذلك على مرحلة ما بعد عباس، ويزيد حظوظ كل واحد في تولي دور منصب رئيس السلطة بالمرحلة القادمة.