ما من شك أن وجود مؤسسة (الأونروا) في أماكن وجود اللاجئين الفلسطينيين هو مؤشر على النكبة الفلسطينية، التي كان من تداعياتها احتلال إسرائيل لفلسطين، وطرد سكانها منها قسرا، في عام ١٩٤٨م، وبعد هذا التاريخ. الأونروا وكالة أممية نشأت بقرار أممي بُعيد النكبة، وربط القرار خدمات الأونروا واستمرارها بعودة اللاجئين إلى ديارهم ووطنهم.
هذه العودة لم تتحقق لأن دولة الاحتلال ترفض هذه العودة، فهي تريد أرضا بلا سكان فلسطينيين، وبسبب هذا الرفض فإن قرار بقاء الأونروا على رأس عملها بحسب قرار النشأة هو حق للاجئين الفلسطينيين، يتمسكون به، ويرفضون استبداله، أو التملص من أدائه وفق الأصول، وبحسب العادة التاريخية.
دولة الاحتلال هي الدولة الوحيدة التي تخطط لإنهاء وكالة الأونروا، وعلى طريق الإنهاء تخطط لاستبدالها بإلحاق بعض خدماتها لمؤسسات أممية أخرى، وإلحاق الخدمات الأخرى بالدول المضيفة للاجئين، وغرض دولة الاحتلال شطب قضية حق العودة، لذا هي تنظر لوكالة (الأونروا) على أنها علم على مشكلة اللاجئين وحق العودة.
دولة الاحتلال تلقى في هذه القضية مساعدة من أميركا، وبعض الدول الأوروبية التي تتبرع عادة للأونروا، ويبدو أن الموقف الأميركي والإسرائيلي لا يكفيان لتحقيق المطالب الإسرائيلية لذا هي تلجأ إلى مفوض الوكالة فيليب لازاريني الذي يبدو لديه قناعة شخصية بمطالب (إسرائيل)، لذا هو يكرر محاولاته في الاستبدال، وتوزيع المهام، تمهيدا لشطب الأونروا شطبا نهائيا.
لست أدري لماذا يخالف لازاريني مهام عمله مفوضا، وظيفته تحسين خدمات مؤسسته التي تقدمها إلى اللاجئين، وليس له أن يبحث في أمور سياسية منفردة كالاستبدال وتوزيع المهام، فاللاجئون أصحاب القضية يرفضون ذلك، وهم يجتمعون في غزة وغيرها ويصدرون بيانا جماعيا باسم اللاجئين والفصائل يرفضون فيه هذا المخطط المشبوه، وكذا ترفضه السلطة، ودائرة اللاجئين في المنظمة، وعليه نقول:
إما أن يواصل لازاريني مهام عمله في تحسين خدمة اللاجئين، ويعمل على جلب مساعدات إنسانية إضافية تخرج الأونروا من أزمتها، وإما أن يقدم استقالته لعجزه عن أداء مهام عمله بحسب الأصول، ويجدر به أن يتوقف فورا عن تنفيذ مخطط الاستبدال وتوزيع المهام، ويمكن للاجئين أن يوقعوا على عريضة مليونية لإقالته، لأن الأونروا ليست مؤسسة سياسية، وكل الموظفين العاملين في مؤسسة الأونروا وفروعها تحظر عليهم الأونروا العمل في السياسة، ولا يجرؤ موظف منهم أن يعلق على (بوست) فيه موقف سياسي؛ لأنه يعرض نفسه للفصل من وظيفته. وبالمثل ليس من مهام عمل المفوض الاشتغال بالسياسة، أو البحث في حلول سياسية، تنتهي بحرمان اللاجئين من حقوقهم المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعودة إلى ديارهم.