رئيس السلطة محمود عباس يهدد باللجوء إلى خيارات صعبة، إذا لم تطبق (إسرائيل) الاتفاقات الموقعة! عباس كرر تهديده هذا عشرات المرات، ولكنه لم يفعل شيئًا! آخر مرة كانت أمس بمناسبة اتصال وزير الخارجية الأمريكية به، أي بعيد اقتحامات المتطرفين برعاية حكومة الاحتلال للمسجد الأقصى وإقامة شعائر تلمودية فوق ساحاته!
وعلى الرغم من فقدان التهديد قيمته بتكريره عشرات المرات دون تنفيذ، فمن حق المواطن أن يسأل: ما الخيارات الصعبة؟ وهل يستطيع عباس أن ينفذها ويبقى في كرسي رئاسة السلطة؟
الخيارات الصعبة فسرها عباس (بتعليق الاعتراف بدولة إسرائيل، وبوقف التنسيق الأمني). أين الصعوبة في هذين الخيارين وقد أقرهما المجلس المركزي للمنظمة في دورتين سابقتين، وطالبت بهما كل المكونات الفلسطينية، وجلُّ أبناء حركة فتح؟ إن ما يقرره الشعب ليس صعباً، وهو جاهز لتحمل تداعيات ما يقرر. الشعب يعاني قيادةً لا تستجيب لقراراته! وتستخدم قراراته في مناورات عبثية!
يبدو أن صعوبة الأمر تكمن فقط في الإطار الضيق من السلطة. هذا الإطار الذي يحتوي على المنتفعين من السلطة، والمتربحين من ورقة الاعتراف والتنسيق، هؤلاء يصعب عليهم مغادرة موقع المتربح، والوقوف في مربع الشعب الذي يبدي جاهزية لتحمل تداعيات قراراته. من ينفذ قرار تجميد الاعتراف يخشى على سلطته؟! ومن يوقف التنسيق الأمني يفقد أمواله؟!
في النظرة الإسرائيلية يقولون عباس لا يستطيع سحب اعترافه (بإسرائيل)، لأنه في المقابل يخسر شرعية البقاء في السلطة، فالسلطة لم تقم إلا بعد الاعتراف (بإسرائيل)، وليس للسلطة بقاء عملي ولا سيما على مستوى المال دون التنسيق الأمني، لذا وصفه عباس يوما بالأمر المقدس؟!
قرار تعليق الاعتراف، والتنسيق الأمني، قراران وطنيان يفرضهما الواقع الفاسد القائم منذ سنين، وهو واقع مريح للاحتلال، ومتعب للفلسطيني، ولأنهما كذلك فإن القراءة السياسية المنصفة توجب على رئيس السلطة تنفيذهما فورا. ولكن يبدو أن (إسرائيل) مطمئنة أن شيئا من هذا لن يحدث البتة، وأن ما يقال هو من باب التهديد والمناورة. (إسرائيل) تقول هذا لأن ما يجري في داخل السلطة وأروقتها، بل وما يجري في ضمائر رجالها معروف جيدًا لحكومة الاحتلال، وهو على خلاف تهديدات عباس المتكررة.
تهديدات عباس لا تتجاوز دائرة المناورة على شعبه، وعلى مكونات الشعب التي تطالب بهذين القرارين. عباس يكرر التهديد ليقول للشعب أنا على طريق التنفيذ، ولكن حين يكون الوقت مناسبًا، والظرف مناسبًا! وفي ظني أن ما جرى في مسيرة الأعلام هذا العام شكل الوقت المناسب والظرف المناسب، واحتجاجات رئاسة السلطة تؤكد ذلك!