تابعت كما تابع غيري ما يسمونه في الإعلام العبري (رقصة الأعلام) وما صاحبها من اقتحامات لساحات المسجد الأقصى، وإقامة شعائر تلمودية في ساحاته، وقد انتهت رقصة الأعلام، وبقيت الاقتحامات تتوالى بأشكال مختلفة وبأعداد أقل. وهنا نصل إلى نقطة الاستخلاصات المستمدة من هذا الحدث، سواء في عام ٢٠٢٢م أو في عام ٢٠٢١م.
وأول هذه الاستخلاصات يقول: إن رقصة الأعلام السنوية يمتزج بها الديني بالسياسي، فهي تجري تحت مفهوم (توحيد القدس بزعمهم)، ولكن المعنى الديني يتجاوز التوحيد بمفهوم السياسة، لذا فإن من أهم مظاهر هذه الرقصة اقتحام الأقصى، والصلاة فيه، وإن جلّ المشاركين في هذه الرقصة التلمودية هم من جماعات الهيكل، والمتدينين، وهؤلاء يمهدون من خلال رقصة الأعلام السنوية الطريق لبناء الهيكل في ساحات الأقصى، ويرون أن هذا الأمر ممكن، مع الإصرار على فعله، وانتظار الوقت المناسب!
وثاني هذه الاستخلاصات يقول إن الهيكل والأقصى هو موضوع صراع انتخابي بين الأحزاب الإسرائيلية، وإن الحزب الأكثر تطرفًا وعدوانية ضد الأقصى هو من يجب أن يفوز في الانتخابات القادمة، ومن هنا تنافس نتنياهو وبينت في هذا العام على رعاية رقصة الأعلام، وعيَّر بينيت نتنياهو على فعله في عام ٢٠٢١م لأنه عدل مسيرة الرقصة تحت تهديد الفصائل الفلسطينية!
وثالث هذه الاستخلاصات يقول: إن حكومة الاحتلال تبحث عن السيادة في القدس الشرقية، على حين لا يوفر لها الميدان أدنى دليل على وجود هذه السيادة، رغم أن توحيد شطري المدينة كان بقرار مضت عليه عقود، ولم توفر هذه العقود للحكومة سيادة، إذ ما تزال مقاومة التوحيد قائمة، بدليل أن رقصة هذا العام اقتضت استدعاء (٣-٧) شرطيين وحرس حدود لحماية مسيرة الأعلام!
ورابع هذه الاستخلاصات يقول: إن الأعوام القادمة ستشهد مسيرات أوسع وأعدادًا أكبر مع اقتحامات أكثر، وصلوات تلمودية أوسع، ومن ثمة فإن حركة الصراع في العام القادم ستكون أشد، وقد لا تجدي الوساطات في تخفيف حدة الصراع.
وخامس هذه الاستخلاصات يقول: إن فصائل المقاومة في غزة لم تقاوم رقصة أعلام ٢٠٢٢م بالصواريخ كما قاومتها في عام ٢٠٢١م، واكتفت بالردع لتخفيف العدوان على الأقصى، ولكنها ستكون مضطرة في عام ٢٠٢٣م لاستخدام الصواريخ لمنع تمادي جماعات الهيكل في عدوانها، ومن ثمة نتوقع أن يكون عام ٢٠٢٣م كعام ٢٠٢١م، فجلُّ الرأي العام الفلسطيني الداخلي يسأل لماذا لم تطلق المقاومة صواريخها نصرة للمرابطين؟!
هذه الاستخلاصات وغيرها مما لم يتسع لها المقال تقول: إن معركة الأقصى ستحتدم في مثل هذه الأيام من العام القادم، وإن الصراع على السيادة، وعلى إسلامية الأقصى ستستمر لسنوات قادمة، وإلى أن يزول الاحتلال عن المدينة، وتقول إن عبء ما هو قادم يقع على الفلسطينيين، وإن الأنظمة العربية ستبقى غائبة عن الأقصى، وغائبة عن الشراكة في دفع دعاة الهيكل عنه، وفي غيابهم هذا سيفقدون شرف رعاية المقدسات في القدس، ولن يكونوا وسطاء ولا شركاء. حفظ الله الأقصى مما يحاك ضده.